و الحاصل أنه قد علمت أنهم قد اتفقوا على أن الفارق بين الكرامة و المعجزة هو تحدي النبوة فقط، و لم يشترط أحد منهم لكون الكرامة دون المعجزة في جنسها و عظمها، فدلّ ذلك على جواز استوائهما فيما عدا التحدي المذكور، و يشهد لصحة هذا القول قوله (صلى اللّه عليه و سلّم) في الحديث الصحيح: «لو أقسم على اللّه لأبرّه [1]».
فإن الأبرار المذكور عامّ في كل مقسم فيه، ثم إن وقوع ذلك من كثير من الأولياء أعني عظام الكرامات خارج عن الحصر، و ها أنا أقتصر في التنبيه على ذلك بذكر عشرة أنواع:
[موجز في أنواع الكرامات]
النوع الأول: إحياء الموتى:
روى القشيري بإسناده في رسالته: أن أبا عبيد البسري غزا سنة من السنين، فخرج في البرية، فمات المهر الذي كان تحته و هو في البرية، فقال: يا ربّ، أعرناه حتى نرجع إلى بسر: يعني قرينه، فإذا المهر قائم، فلمّا غزا و رجع إلى بشر، قال لابنه: يا بني، خذ السرج من المهر، قال ابنه: فقلت له: إنه عرق فإذا أخذت السرج داخله الريح، فقال: يا بني، إنه عارية، قال: فلما أخذت السرج وقع المهر.
و روى أيضا بإسناده في رسالته: أنه انطلق رجل من اليمن، فلمّا كان في بعض الطريق نقض حماره، فقام فتوضأ، ثم صلّى ركعتين، ثم قال: اللّهمّ إني جئت مجاهدا في سبيلك ابتغاء مرضاتك، و إني أشهد أنك تحيي الموتى، و أنك تبعث من في القبور، و لا تجعل لأحد عليّ منّة اليوم، أطلب منك أن تبعث حماري، فقام الحمار ينفض أذنيه، و قد نقل هذا عن الإمام الشعبي أيضا.
و روى أيضا بإسناده فيها أن محمّد بن سعيد البصري قال: بينما أنا أمشي في طرق البصرة إذ رأيت أعرابيّا يسوق جملا، فالتفتّ فإذا الجمل وقع ميتا، و وقع الرجل و القنب، فمشيت ثم التفتّ فإذا الأعرابي يقول: يا مسبّب كل سبب، و يا مأمول من طلبه ردّ عليّ ما ذهب، و حمل الرجل القنب، فإذا الجمل قائم، و الرجل و القنب فوقه.
و روى أيضا بإسناده فيها إلى الشيخ سهل بن عبد اللّه التستري أنه قال: