فهو ما له ظهر من الآيات، و ما تحدّى به من المعجزات، ثم ما أدرك من النوع الأكمل. هذا كشف له به عن مقام النبوءة، و أظهر اللّه به قدره و مكانه.
* قلت: قال ابن دحية: النبي: يهمز و لا يهمز، فالنبي بلا همزة معناه: الرّفيع الشّأن، العالي الأمر، أخذ من النّباوة: و هي ما ارتفع من الأرض، و من جعله من النبإ بهمزة؛ لأنه ينبئ عن اللّه تعالى، أي: يخبر، فهو منبّئ، أو لأنه تنبّأ هو بالوحي، و قد همزه نافع في جميع القرآن، و قال العباس بن مرداس السلمي:
إنّ الإله بنى عليك محبّة* * * من خلقه و محمّدا سمّاكا
و هذا البيت، و الاشتقاق، و قراءة أهل المدينة تثبت فيه الهمزة، و ترك همزة على التخفيف، فمن جعل التخفيف فيه لازما، و هو قراءة الأكثرين قال: في جمعه، أنبياء، مثل تقيّ و أتقياء، و وصيّ و أوصياء.
قال النحوي، العالم أبو جعفر أحمد بن محمد بن إسماعيل في كتاب: «الاشتقاق» له:
و سمعت عليّ بن سليمان يقول: الأولى في العربية في «نبي» ترك الهمز، و يدل على ذلك القرآن، و ذلك قوله عز و جلّ: ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَ يَقْتُلُونَ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍ [آل عمران: 112]، فهذا جمع غير مهموز، كما يقال: صفيّ و أصفياء، و لو كان مهموزا لقلت في جمعها: نباء، كما تقول: كرماء في جمع كريم.
و لم يأت القرآن الكريم بنبإ، و إنما جاء في شعر عباس بن مرداس.
و قيل: النبي «الطريق» سمّي بذلك لأنه «الطريق» إلى اللّه، و سمي رسل اللّه أنبياء لأنهم «الطرق» إلى اللّه، إلا أن كل رسول نبي، و ليس كل نبي رسولاP لأن الرسول هو المرسل للأمة من قبل اللّه عز و جل، داعيا إليه، و صادعا بالدلالة عليه، و مرشدا إلى كلّيات المصالح العامة التي يستقيم بها نظام الدنيا، و ينال الفوز الأكبر في العقبى، ناسخا بشرعته لشرعة