فقال: ما تأويل هذه الآية؟فإن كان المراد بها التعجّب من قوة أسماعهم و نفاذ أبصارهم؛ فكيف يطابق ما خبّر به عنهم فى مواضع كثيرة من الكتاب/بأنهم لا يبصرون و لا يسمعون و أن على أسماعهم و أبصارهم غشاوة؟و ما معنى قوله تعالى: لََكِنِ اَلظََّالِمُونَ اَلْيَوْمَ فِي ضَلاََلٍ مُبِينٍ ؟أىّ يوم هو اليوم المشار إليه؟و ما المراد بالضلال المذكور؟.
الجواب، قلنا: أمّا قوله تعالى: أَسْمِعْ بِهِمْ وَ أَبْصِرْ ؛ فهو على مذهب العرب فى التعجّب؛ و يجرى مجرى قولهم: ما أسمعه!و ما أبصره!و المراد بذلك الإخبار عن قوة علومهم باللّه تعالى فى تلك الحال؛ و أنهم عارفون به على وجه الاعتراض للشبهة عليه؛ و هذا يدلّ على أنّ أهل الآخرة عارفون باللّه تعالى ضرورة؛ و لا تنافى بين هذه الآية و بين الآيات التى أخبر عنهم فيها بأنهم لا يسمعون و لا يبصرون؛ و بأن على أبصارهم غشاوة؛ لأنّ تلك الآيات تناولت أحوال التكليف، و هى الأحوال التى كان الكفار فيها ضلاّلا عن الدين، جاهلين باللّه تعالى و صفاته. و هذه الآية تناولت يوم القيامة؛ و هو المعنىّ بقوله تعالى: يَوْمَ يَأْتُونَنََا ؛ و أحوال يوم القيامة لا بدّ فيها من المعرفة الضرورية. و تجرى هذه الآية مجرى قوله تعالى:
فأما قوله تعالى: لََكِنِ اَلظََّالِمُونَ اَلْيَوْمَ فِي ضَلاََلٍ مُبِينٍ فيحتمل أن يريد تعالى بقوله: اَلْيَوْمَ الدّنيا و أحوال التكليف؛ و يكون الضلال المذكور إنما هو الذّهاب عن الدين و العدول عن الحق، فأراد تعالى أنّهم فى الدنيا جاهلون، و فى الآخرة عارفون؛ بحيث لا تنفعهم المعرفة. و يحتمل أن يريد تعالى باليوم يوم القيامة؛ و يعنى تعالى
نام کتاب : الأمالي - ط دار الفكر العربي نویسنده : السيد الشريف المرتضي جلد : 2 صفحه : 98