فقال: كيف يأمرهم أن يخبروا بما لا يعلمون، أ و ليس ذلك أقبح من تكليف ما لا يطاق؛ الّذي تأبونه؛ و الّذي جوّز [1] أن يكلّف تعالى مع ارتفاع القدرة لا يجوّزه.
/الجواب، قلنا: قد ذكر فى هذه الآية وجهان:
أحدهما أنّ ظاهر الآية إن كان أمرا يقتضي التّعلّق بشرط، و هو كونهم صادقين عالمين بأنهم إذا أخبروا عن ذلك صدقوا-فكأنه قال لهم: خبّروا بذلك إن علمتموه؛ و متى رجعوا إلى نفوسهم فلم يعلموا، فلا تكليف عليهم. و هذا بمنزلة أن يقول القائل لغيره: خبّرنى بكذا و كذا إن كنت تعلمه، أو إن كنت تعلم أنك صادق فيما تخبر به عنه.
فإن قيل: أ ليس قد قال المفسرون فى قوله تعالى: إِنْ كُنْتُمْ صََادِقِينَ إنّ المراد به: إن كنتم تعلمون بالعلّة التى من أجلها جعلت فى الأرض خليفة، أو إن كنتم صادقين فى اعتقادكم أنكم تقومون بما أنصب الخليفة له، و تضطلعون به، و تصلحون له؟.
قلنا: قد قيل كل ذلك، و قيل أيضا ما ذكرناه؛ و إذا كان القول محتملا للأمرين جاز أن يبنى الكلام على كل واحد منهما؛ و هذا الجواب لا يتمّ إلاّ لمن يذهب إلى أن اللّه تعالى يصحّ أن يأمر العبد بشرط قد علم أنه لا يحصل، و لا يحسن أن يريد منه الفعل على هذا