الجواب، قلنا: أما اَلَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ فالمراد به ما كان يعتقده المشركون، و يدعونه إلها من دون اللّه. و الهاء فى دُونِهِ راجعة إلى اسم اللّه تعالى. و تحقيق الكلام:
و لا يملك الذين يدعون إلها و أربابا من دون اللّه تعالى الشفاعة. و لما كثر استعمال هذه اللفظة فيمن يعبد من دون اللّه، و يدعى إلها رازقا استحسنوا الحذف لظهور الأمر فى المراد؛ و لهذا حمل محققو المفسّرين قوله تعالى: قُلْ مََا يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لاََ دُعََاؤُكُمْ ؛ [الفرقان: 77] الآلهة من دونه، و حذف ما يتعلّق بهذا الدعاء فى هذه الآية أشكل من حذفه فى قوله تعالى:
اَلَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ ؛ لأنّ قوله جل و عز: مِنْ دُونِهِ قد نبّه و أيقظ على أنّ المراد: من كان يدعى إلها من دونه.
و الآية الأخرى لا دليل فيها من لفظها على ما يتعلق به قوله: دُعََاؤُكُمْ .
و معنى أنهم لا يملكون الشفاعة، أى ليس لهم أن يفعلوها و يتصرّفوا فيها؛ لأن معنى المالك ليس هو إلا من كان قادرا على التصرّف فيه؛ و ليس لأحد أن يمنعه من ذلك؛ و الشفاعة قد بيّنا فى غير موضع من كتبنا أنها لا تستعمل على طريقة الحقيقة إلا فى طلب إسقاط المضارّ؛ و إنما استعملت فى إيصال المنافع تجوّزا فيه و استعارة.
و قيل فى معنى الآية وجهان: أحدهما أنّ المعبودين من عيسى و من مريم و الملائكة و عزير عليهم السلام؛ لا يملك الشفاعة عند اللّه تعالى[أحد منهم]فى أحد إلا فيمن شهد بالحق، و أقرّ التوحيد، و بجميع ما يجب عليه الإقرار به.
و الوجه الآخر أنّ الذين يدعون من دون اللّه من البشر و الأجسام و جميع المعبودات لا يملك الشفاعة عند اللّه إلا من شهد بالحق منهم يعنى عيسى و عزيرا و الملائكة عليهم السلام؛ لا يملكون
نام کتاب : الأمالي - ط دار الفكر العربي نویسنده : السيد الشريف المرتضي جلد : 2 صفحه : 366