فقال: ما معنى هذه الآية؟فإن ظاهرها لا يدلّ على تأويلها.
الجواب، قلنا: قد ذكر المفسّرون فى هذه الآية وجهين نحن نذكرهما، و نوضّح عنهما، ثم نتلوهما بما خطر لنا فيهما زائدا على المسطور.
و أحد ما قيل فى هذه الآية أن النبي صلى اللّه عليه و آله كان إذا نزل عليه القرآن و سمعه من جبرئيل قرأ عليه السلام معه ما يوحى به إليه من القرآن أولا أولا قبل استتمامه و الانتهاء إلى المنزّل منه فى الحال، و قطع الكلام عليها، و إنما كان يفعل النبىّ عليه السلام ذلك حرصا على حفظه و ضبطه، و خوفا من نسيان بعضه، فأنزل اللّه تعالى هذه الآية ليثبت النبىّ صلى اللّه عليه و آله فى تلاوة ما يسمعه من القرآن، حتى ينتهى إلى غايته لتعلّق بعض الكلام ببعض.
قالوا: و نظير هذه الآية قوله تعالى: لاََ تُحَرِّكْ بِهِ لِسََانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ. `إِنَّ عَلَيْنََا جَمْعَهُ وَ قُرْآنَهُ. `فَإِذََا قَرَأْنََاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ. `ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنََا بَيََانَهُ ؛ [القيامة: 16-19]؛ فضمن اللّه تعالى أنه يجمع له عليه السلام حفظ القرآن، ثم يثبّته فى صدره، ليؤدّيه إلى أمّته، و أسقط عنه كلفة الاستعجال بترداد تلاوته، و المسابقة إلى تلاوة كل ما يسمعه منه؛ تخفيفا عنه و ترفيها له، و أكدوا ذلك بقوله تعالى: فَإِذََا قَرَأْنََاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ أى إذا انتهينا إلى غاية ما تريد إنزاله فى تلك الحال، فحينئذ اتبع قراءة ذلك و تلاوته، فلم يبق منه ما ينتظر فى الحال نزوله.
و الوجه الآخر أنهم قالوا: إنما نهى النبىّ عليه السلام عن تلاوة القرآن على أمته و أداء ما يسمعه منه إليهم، قبل أن يوحى إليه عليه السلام ببيانه، و الإيضاح عن معناه و تأويله؛ لأنّ تلاوته على من لا يفهم معناه، و لا يعرف مغزاه لا تحسن.
نام کتاب : الأمالي - ط دار الفكر العربي نویسنده : السيد الشريف المرتضي جلد : 2 صفحه : 358