إن سأل سائل عن قوله تعالى: قُلْ تَعََالَوْا أَتْلُ مََا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاََّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً ؛ [الأنعام: 151].
و كيف [1] يجوز أن يكون من جملة ما حرّم علينا ألاّ نشرك به شيئا؛ و الأمر بالعكس من ذلك.
الجواب، قيل له: هذا السؤال [2] سؤال من لا تأمل عنده بموضوع الآية و ترتيب خطابها؛ لأنّ التحريم المذكور فيها لا يجوز البتّة على مذهب أهل العربية أن يكون متعلّقا بقوله: أَلاََّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً ؛ و إنما هو من صلة الجملة الأولى؛ و لو تعلّق التحريم المذكور بقوله: أَلاََّ تُشْرِكُوا لم يخل أن يكون تعلّقه به تعلق الفاعل أو المفعول؛ و كأنه قال: حرّم ألا تشركوا، أو المبتدأ و الخبر؛ فكأنه قال: الّذي حرم ربّكم عليكم ألاّ تشركوا.
و التعلّق الأول يمنع منه أن لفظة حرم من صلة لفظ مََا التى هى بمعنى الّذي؛ فلا تعمل فيما بعدها؛ أ لا ترى أنّك إذا قلت: حرّمت كذا، فالتحريم عامل فيما بعده عمل الفعل فى المفعول؛ فإذا قلت: الّذي حرّمت كذا بطل هذا المعنى، و لم يجز أن يكون التحريم متعلّقا بما بعده على معنى الفعلية؛ بل على سبيل المبتدأ و الخبر.
و لا يجوز أن يكون فى الآية التعلّق على هذا الوجه؛ لأنّ صدر الكلام يمنع من ذلك؛ أ لا ترى أنه تعالى قال: أَتْلُ مََا حَرَّمَ ف مََا حَرَّمَ منصوب، لأنه مفعول أَتْلُ ؛ و إذا كان كذلك لم يجز أن يكون مََا حَرَّمَ مبتدأ حتى يكون أَلاََّ تُشْرِكُوا خبرا له.
و إذا بطل التعلّق بين الكلام من كلا الوجهين نظرنا فى قوله تعالى: أَلاََّ تُشْرِكُوا ما ذا