قال [2] الشريف الأجلّ المرتضى، علم الهدى، ذو المجدين أبو القاسم عليّ بن الحسين الموسوىّ رضى اللّه عنه:
إنّه لا يزال المتكلّمون يخالفون النحويّين فى أنّ للفعل ثلاثة أحوال: ماض، و حاضر، و مستقبل. و يقول المتكلّمون: للفعل حالان بغير ثالث؛ لأنّ كلّ معلوم من الأفعال لا يخلو من أن يكون موجودا أو معدوما؛ و بالوجود قد صار ماضيا، و المعدوم هو المنتظر، و لا حال ثالثة.
فلا المتكلّمون يحسنون العبارة عما لحظوه و أرادوه، حتى يزول الخلاف فى المعانى التى هى المهمّ-و لا اعتبار بالعبارات-و لا النحويون يفطنون لإفهام ما قصدوه بلفظ غير مشتبه و لا محتمل؛ فكم من معنى كاد يضيع بسوء العبارة عنه، و قصور الإشارة إليه!
و اعلم أن المواضعات مختلفة، و العرف يختلف باختلاف أهله بحسب عاداتهم. و قولنا:
«فعل» فى عرف المتكلمين ليس هو الّذي يعرفه النحويون، لأنّ الفعل فى عرف أهل الكلام هو الذات الحادثة بعد أن كانت معدومة بقادر، و هذا الحدّ يقتضي أن يكون كلّ موجود من الذوات غير اللّه تعالى وحده فعلا؛ فزيد فعل، و السماء كذلك، و الحرف أيضا-الّذي فرق النحويون بينه و بين الاسم-فعل أيضا، و الفعل أيضا على هذا الحدّ فعل؛ لأنّ الحرف صوت يقطّع على وجه مخصوص، و الأصوات كلّها أفعال.