فقال: كيف أخبر تعالى بأنه أنزل فيه القرآن، و قد أنزله فى غيره من الشهور على ما جاءت به الرواية؟و الظاهر يقتضي أنه أنزل الجميع فيه، و ما المعنى فى قوله: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ اَلشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ؟و هل أراد الإقامة و الحضور اللذين هما ضدّا [1] الغيبة، أو أراد المشاهدة و الإدراك؟.
الجواب، قلنا: أما قوله تعالى: أُنْزِلَ فِيهِ اَلْقُرْآنُ فقد قال قوم: المراد به أنه تعالى أنزل القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا فى شهر رمضان، ثم فرق إنزاله على نبيه صلى اللّه عليه و آله بحسب ما تدعو الحاجة إليه.
و قال آخرون: المراد بقوله أُنْزِلَ فِيهِ اَلْقُرْآنُ أنه أنزل فى فرضه و إيجاب صومه على الخلق القرآن؛ فيكون فِيهِ بمعنى فى فرضه، كما يقول القائل: أنزل اللّه فى الزكاة كذا و كذا، يريد فى فرضها، و أنزل اللّه فى الخمر كذا و كذا يريد فى تحريمها.
و هذا الجواب إنما هرب متكلّفه من شيء، و ظن أنه قد اعتصم بجوابه عنه، و هو بعد ثابت على ما كان عليه؛ لأن قوله: اَلْقُرْآنُ إذا كان يقتضي ظاهره إنزال/جميع القرآن فيجب على هذا الجواب أن يكون قد أنزل فى فرض الصيام جميع القرآن؛ و نحن نعلم أنّ قليلا من القرآن يتضمّن إيجاب صوم شهر رمضان، و أن أكثره خال من ذلك.
فإن قيل: المراد بذلك أنه أنزل فى فرضه شيئا من القرآن، و بعضا منه.