فقال: أ و ليس ظاهر هذا الكلام يقتضي جواز الحجاب عليه و أنتم تمنعون من ذلك!
الجواب، /قلنا: ليس فى الآية أكثر من ذكر الحجاب، و ليس فيها أنه حجاب له تعالى أو لمحلّ كلامه أو لمن يكلّمه. و إذا لم يكن فى الظاهر شيء من ذلك جاز صرف الحجاب إلى غيره عز و جل؛ مما يجوز أن يكون محجوبا. و قد يجوز أن يريد تعالى بقوله:
أَوْ مِنْ وَرََاءِ حِجََابٍ أنه يفعل كلاما فى جسم محتجب على المكلّم، غير معلوم له على سبيل التفصيل، فيسمع المخاطب الكلام و لا يعرف محلّه على طريق التفصيل، فيقال على هذا: هو مكلّم من وراء حجاب.
و روى عن مجاهد فى قوله تعالى: وَ مََا كََانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اَللََّهُ إِلاََّ وَحْياً قال: هو داود أوحى فى صدره فزبر الزّبور، أَوْ مِنْ وَرََاءِ حِجََابٍ و هو موسى، أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً و هو جبريل إلى محمد صلى اللّه عليه و آله.
فأما الجبّائىّ فإنه ذكر أنّ المراد بالآية: وَ مََا كََانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اَللََّهُ إلا مثل ما يكلّم به عباده من الأمر بطاعته، و النهى لهم عن معاصيه، و تنبيهه إيّاهم على ذلك من جهة الخاطر أو المنام، و ما أشبه ذلك على سبيل الوحى.
قال: و إنما سمى اللّه تعالى ذلك وحيا لأنه خاطر و تنبيه، و ليس هو كلاما لهم على سبيل الإفصاح، كما يفصح الرجل منّا لصاحبه إذا خاطبه. و الوحى فى اللغة إنما هو ما جرى مجرى الإيماء و التنبيه على شيء من غير أن يفصح به؛ فهذا هو معنى ما ذكره اللّه تعالى فى الآية.
نام کتاب : الأمالي - ط دار الفكر العربي نویسنده : السيد الشريف المرتضي جلد : 2 صفحه : 205