فقال: من هارون الّذي نسبت مريم إلى أنها أخته؟و معلوم أنها لم تكن أختا لهارون أخى موسى. و ما معنى مَنْ كََانَ فِي اَلْمَهْدِ صَبِيًّا ، و لفظة «كان» تدلّ على ما مضى [1] و عيسى عليه السلام فى حال قولهم ذلك كان فى المهد؟
الجواب، قلنا: هارون الّذي نسبت إليه مريم قد قيل فيه أقوال:
منها أن هارون المذكور كان رجلا فاسقا مشهورا بالعهر و الشرّ و فساد الطريقة، فلما أنكروا ما جاءت به من الولد، و ظنوا بها ما هي مبرأة منه نسبوها إلى هذا الرجل تشبيها و تمثيلا؛ و كان تقدير الكلام: يا شبيهة هارون فى فسقه و قبيح فعله؛ و هذا القول يروى عن سعيد بن جبير.
و منها أن هارون هذا كان أخاها لأبيها دون أمّها؛ و قيل إنه كان أخاها لأبيها و أمها، و كان رجلا معروفا بالصلاح و حسن الطريقة و العبادة و التألّه.
و قيل: إنه لم يكن أخاها على الحقيقة؛ بل كان رجلا صالحا من قومها، و إنه لما مات شيّع جنازته أربعون ألفا، كلّهم يسمّى هارون، من بنى إسرائيل، فلما أنكروا ما ظهر من أمرها قالوا لها: يََا أُخْتَ هََارُونَ ؛ أى يا شبيهته فى الصلاح، ما كان هذا معروفا منك، و لا كان و والدك ممن يفعل القبيح، و لا تتطرّق عليه الرّيب!