فقال: ما أنكرتم أن تكون هذه الآية دالة على أنه تعالى جعل الكافر كافرا؛ لأنه أخبر بأنه جعل منهم من عبد الطاغوت؛ كما جعل القردة و الخنازير؟و ليس يجعله كافرا إلا بأن خلق كفره!.
الجواب، يقال له [1] : قبل أن نتكلّم فى تأويل الآية بما تحتمله من المعانى: [2] كيف يجوز أن يخبرنا بأنه [2] جعلهم [3] ؛ كفارا و خلق كفرهم!و الكلام خرج مخرج الذّم لهم؛ و التوبيخ على كفرهم، و المبالغة فى الإزراء عليهم!و أىّ مدخل لكونه خالقا لكفرهم فى باب ذمّهم!و أىّ نسبة بينه و بين ذلك!بل لا شيء أبلغ فى عذرهم و براءتهم من أن يكون/ خالقا لما ذمّهم من أجله. و هذا يقتضي أن يكون الكلام متناقضا مستحيل المعنى؛ و نحن نعلم أن أحدا إذا أراد ذمّ غيره، و توبيخه و تهجينه بمثل هذا الضرب من الكلام إنما يقول:
أ لا أخبركم بشرّ الناس و أحقّهم بالذم و اللوم!من فعل كذا، و صنع كذا؛ و كان على كذا و كذا؛ فيعدّد من الأحوال و الأفعال قبائحها، و لا يجوز أن يدخل فى جملتها ما ليس بقبيح؛ و لا ما هو من فعل الذم و من جهته؛ حتى يقول فى جملة ذلك: و من تشاغل بالصّنعة الفلانية التى أسلمها إليه و حمله عليها؛ و إن عقلا يقبل هذه الشبهة لعقل ضعيف سخيف.