*فمن رأى النيل رأى العين من كثب*
و من رأى النيل فى السفن فقد رآه من كثب، و من رأى ماءه فى الآنية على بعد لا يكون رائيا له من كثب.
***غ
طائفة من أقوال الشعراء فى مدح الشيب و تفضيله:
فأما مدح الشيب و تفضيله على الشباب فقد قال فيه الناس فأكثروا؛ فمما تقدم من ذلك قول رؤبة بن العجّاج؛ و يقال إن رؤبة لم يقل من القصيدة إلا هذين البيتين:
أيّها الشّامت المعيّر بالشّيـ # ب أقلّنّ بالشّباب افتخارا
قد لبست الشّباب غضّا جديدا # فوجدت الشّباب ثوبا معارا
و لعلىّ بن جبلة:
جفا طرب الفتيان و هو طروب # و أعقبه قرب الشّباب مشيب
تجافت عيون البيض عنه، و ربّما # مددن إليه الوصل و هو حبيب
لعمرى لنعم الصّاحب الشّيب واعظا # و إن كان منه للعيون نكوب
خليط نهى، منتاب حلم؛ و إنّه # على ذاك مكروه الخلاط مريب
و لآخر:
و تنكّرت شيبى فقلت لها: # ليس المشيب بناقص عمرى
سيّان شيبى و الشّباب إذا # ما كنت من عمرى على قدر
إن أكن قد رزئت أسود كالفحـ # م و أعقبت مثل لون الثّغامة [1]
فلقد أسعف الكريم و أحبو # أهله بالنّدى و آبى الظّلامه
[1] الثغامة: نبت أبيض يشبه به الشيب.