نام کتاب : الأمالي - ط دار الفكر العربي نویسنده : السيد الشريف المرتضي جلد : 1 صفحه : 551
من دون اللّه، بل الواجب أن يرجعوا إليه فى معونتهم و نصرهم، و لا يعوّلوا على غيره.
فأما قوله عز و جل: مََا كََانُوا يَسْتَطِيعُونَ اَلسَّمْعَ وَ مََا كََانُوا يُبْصِرُونَ ففيه وجوه:
أحدها أن يكون المعنى: يضاعف لهم العذاب بما كانوا يستطيعون السمع فلا يسمعون؛ و بما كانوا يستطيعون الإبصار فلا يبصرون؛ عنادا للحق، و ذهابا عن سبيله؛ فأسقط الباء من الكلام، و ذلك جائز كما جاز فى قولهم: لأجزينّك بما عملت، و لأجزينّك ما عملت؛ و لأحدثنّك بما عملت، و لأحدثنك ما عملت؛ و كما قال الشاعر:
نغالى اللّحم للأضياف نيئا # و نبذله إذا نضج القدير [1]
فأراد: نغالى باللحم.
و الوجه الثانى أنهم لاستثقالهم استماع آيات اللّه تعالى، و كراهيتهم [2] تذكّرها و تفهمها جروا مجرى من لا يستطيع السمع، كما يقول القائل: ما يستطيع فلان أن ينظر لشدّة عداوته إلى فلان، و ما يقدر على أن يكلمه؛ و كما نقول لمن عهدنا منه العناد و الاستثقال لاستماع الحجج و البينات: ما تستطيع أن تسمع الحق؛ و ما تطيق أن يذكر لك؛ و كما قال الأعشى:
ودّع هريرة إنّ الرّكب مرتحل # و هل تطيق وداعا أيّها الرّجل[3]!
و نحن نعلم أنه قادر على الوداع؛ و إنما نفى قدرته عليه من حيث الكراهة و الاستثقال.
و معنى: وَ مََا كََانُوا يُبْصِرُونَ أى أن إبصارهم لم يكن نافعا لهم؛ و لا مجديا عليهم؛ مع الإعراض عن تأمل آيات اللّه تعالى و تدبرها؛ فلما انتفت عنهم منفعة الإبصار جاز أن ينفى عنهم الإبصار نفسه؛ كما يقال للمعرض عن الحق، العادل عن تأمله: ما لك لا تبصر، و لا تسمع؛ و لا تعقل؟و ما أشبه ذلك.
[1] البيت فى اللسان (غلا) : قال فى شرحه: «نغالى اللحم، نشتريه غاليا، ثم نبذله و نطعمه إذا نضج فى قدورنا» . و القدير: ما طبخ من اللحم بتوابل.