فقال: ما معنى الحول بين المرء و قلبه؟و هل يصحّ ما تأوّله قوم من أنّه يحول بين الكافر و بين الإيمان؟و ما معنى قوله: لِمََا يُحْيِيكُمْ ؟و كيف تكون الحياة فى إجابته؟
أوّلها أن يريد بذلك أنّه تعالى يحول بين المرء و بين الانتفاع بقلبه بالموت، و هذا حثّ من اللّه عز و جل على الطاعات و المبادرة بها قبل الفوت و انقطاع التّكليف، و تعذّر ما يسوّف به المكلّف نفسه من التوبة و الإقلاع؛ فكأنه تعالى قال: بادروا إلى الاستجابة للّه و للرسول من قبل أن يأتيكم الموت فيحول بينكم و بين الانتفاع بنفوسكم و قلوبكم، و يتعذر عليكم ما تسوّفون به [1] نفوسكم من التوبة بقلوبكم. و يقوّى ذلك قوله تعالى: وَ أَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ[2] .
و ثانيها أن يحول بين المرء و قلبه بإزالة عقله و إبطال تمييزه، و إن كان حيّا، و قد يقال لمن فقد عقله و سلب تمييزه: إنّه بغير عقل [3] ؛ قال اللّه تعالى: إِنَّ فِي ذََلِكَ لَذِكْرىََ لِمَنْ كََانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى اَلسَّمْعَ ؛ [ق: 37].
و قال الشاعر:
/و لي ألف وجه قد عرفت مكانه # و لكن بلا قلب إلى أين أذهب!
و هذا الوجه يقرب من الأوّل؛ لأنه تعالى أخرج هذا الكلام مخرج الإنذار لهم،