إن سأل سائل فقال: ما تأويل قوله تبارك و تعالى مخبرا عن مهلك قوم فرعون و توريثه نعمهم: كَذََلِكَ وَ أَوْرَثْنََاهََا قَوْماً آخَرِينَ. `فَمََا بَكَتْ عَلَيْهِمُ اَلسَّمََاءُ وَ اَلْأَرْضُ وَ مََا كََانُوا مُنْظَرِينَ ؛ [الدخان: 28، 29].
و كيف يجوز أن يضيف البكاء إليهما، و هو لا يجوز فى الحقيقة عليهما؟.
الجواب، يقال له فى هذه الآية وجوه أربعة من التأويل:
أوّلها أنه تعالى أراد أهل السماء و الأرض فحذف كما حذف فى قوله: وَ سْئَلِ اَلْقَرْيَةَ ؛ [يوسف: 82]؛ و فى قوله تعالى حَتََّى تَضَعَ اَلْحَرْبُ أَوْزََارَهََا ؛ [محمد: 4]و أراد أهل القرية، و أصحاب الحرب، و يجرى ذلك مجرى قولهم: السخاء حاتم، يريدون: السخاء سخاء حاتم؛ قال الحطيئة [1] :
و شرّ المنايا ميّت وسط أهله # كهلك الفتى قد أسلم الحىّ حاضره [2]
[1] البيت فى طبقات الشعراء لابن سلام ص 95؛ ضمن أبيات أربعة للحطيئة لم تذكر فى ديوانه.
و فى حاشيتى الأصل، ف: «قال السيد الإمام عليه السلام: طلبت هذا البيت فى شعر الحطيئة فلم أجده فيه» .
[2] فى حواشى الأصل، ت، ف: «قوله: «شر المنايا» تقديره شر المنايا موت ميت فيما بين عشيرته؛ كهلك هذا الفتى فى حال أن أسلم الحى حاضر هذا الفتى؛ أي أن حضاره أسلموا الحى، و لم ينصروه، و لم يمنعوا ذمارهم» .