إن سأل سائل عن تأويل قوله تعالى: خُلِقَ اَلْإِنْسََانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آيََاتِي فَلاََ تَسْتَعْجِلُونِ ؛ [الأنبياء: 27].
الجواب، قيل له: قد ذكر فى هذه الآية وجوه من التأويل نحن نذكرها، و نرجّح الأرجح منها:
أوّلها أن يكون معنى القول المبالغة فى وصف الإنسان بكثرة العجلة، و أنه شديد الاستعجال لما يؤثره من الأمور، لهج باستدناء ما يحلب [1] إليه نفعا، أو يدفع عنه ضررا؛ و لهم عادة فى استعمال مثل هذه اللفظة عند المبالغة؛ كقولهم لمن يصفونه بكثرة النوم: ما خلقت إلاّ من نوم، و ما خلق فلان إلاّ من شر؛ إذا أرادوا كثرة وقوع الشرّ منه؛ و ربما قالوا: ما أنت إلاّ أكل و شرب، و ما أشبه ذلك، قالت الخنساء تصف بقرة [2] :
ترتع ما غفلت حتّى إذا ادّكرت # فإنما هى إقبال و إدبار [3]
و إنما أرادت ما ذكرناه من كثرة وقوع الإقبال و الإدبار منها.
و يشهد لهذا التأويل قوله تعالى فى موضع آخر: وَ كََانَ اَلْإِنْسََانُ عَجُولاً ، [الإسراء: 11]، و يطابقه أيضا قوله تعالى: فَلاََ تَسْتَعْجِلُونِ ؛ لأنه وصفهم بكثرة العجلة و أنّ من شأنهم فعلها، توبيخا لهم و تقريعا، ثم نهاهم عن الاستعجال باستدعاء الآيات من