«روى أن عروة هذا وفد على هشام بن عبد الملك فى جماعة من الشعراء، فلما دخلوا عليه عرف عروة فقال له: أ لست القائل:
لقد علمت و ما الإشراف من خلقى # أنّ الّذي هو رزقى سوف يأتينى
أسعى له فيعنّينى تطلّبه # و لو قعدت أتانى لا يعنينى
و أراك قد جئت تضرب من الحجاز إلى الشام فى طلب الرزق!فقال له: لقد وعظت يا أمير المؤمنين و بالغت فى الوعظ، و أذكرت بما أنسانيه الدهر. و خرج من فوره إلى راحلته فركبها، ثم سار راجعا نحو الحجاز؛ فمكث هشام يومه غافلا عنه، فلما كان فى الليل تعارّ على فراشه فذكره و قال فى نفسه: رجل من قريش قال حكمة، و وفد إلى فجبهته و رددته عن حاجته، و هو مع هذا شاعر لا آمن ما يقول!فلما أصبح سأل عنه فأخبر بانصرافه، فقال: لا جرم!ليعلمن أن الرزق سيأتيه، و دعا مولى له و أعطاه ألفى دينار، و قال له: الحق ابن أذينة، فأعطه إياها، قال: فلم أدركه إلا قد دخل بيته، فقرعت الباب عليه، فخرج فأعطيته المال، فقال: أبلغ أمير المؤمنين السلام؛ و قل له: كيف رأيت قولى!سعيت فأكديت، و رجعت إلى بيتى فأتانى فيه الرزق» .