نام کتاب : الأمالي - ط دار الفكر العربي نویسنده : السيد الشريف المرتضي جلد : 1 صفحه : 392
سَرِيعُ اَلْحِسََابِ ، على تأويل من أراد قصر الزمان، و سرعة الموافقة وجه و تعلّق بالوعد و الوعيد؛ لأن الكلام على كل حال متضمّن لوقوع المحاسبة على أعمال العباد، و الإحاطة بخيرها و شرّها؛ و إن وصف الحساب مع ذلك بالسرعة؛ و فى هذا ترغيب و ترهيب لا محالة، لأن من علم أنه يحاسب بأعماله، و يواقف [1] على جميلها و قبيحها انزجر عن القبيح و رغب فى فعل الواجب.
فبهذا ينصر الجواب، و إن كنا لا ندفع أن فى حمل الحساب على قرب المجازاة، أو قرب المحاسبة على الأعمال ترغيبا فى الطاعات و زجرا عن المقبّحات؛ فالتأويل الأول أشبه بالظاهر و نسق الآية، إلا أن التأويل الآخر غير مدفوع أيضا و لا مرذول [2] . غ
إن سأل سائل عن قوله تعالى: وَ اَللََّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشََاءُ بِغَيْرِ حِسََابٍ ؛ [البقرة: 212].
فقال: أىّ تمدّح فى الإعطاء بغير حساب، و قد يكون المعطى بحساب أجزل عطية من المعطى بغير حساب؟.
الجواب، قلنا فى هذه الآية وجوه:
أولها أن تكون الفائدة أنه تعالى يرزق من يشاء بغير تقدير من المرزوق و لا احتساب منه، فالحساب هاهنا راجع إلى المرزوق لا إليه تعالى؛ كما يقول القائل: ما كان كذا و كذا فى حسابى، أى لم أؤمله، و لم أقدّر أنه يكون؛ و هذا وصف للرزق بأحسن الأوصاف؛ لأن الرزق إذا لم يكن محتسبا كان أهنأ له و أحلى؛ و قد روى عن ابن عباس رضى اللّه عنه فى تفسير هذه الآية أنه قال: عنى بها أموال بنى قريظة و النّضير، و أنّها تصير إليكم بغير حساب و لا قتال، على أسهل الأمور و أقربها و أيسرها.