إن سأل سائل عن قوله تعالى: أُولََئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمََّا كَسَبُوا/وَ اَللََّهُ سَرِيعُ اَلْحِسََابِ ؛ [البقرة: 202].
فقال: أىّ تمدّح فى سرعة الحساب، و ليس بظاهر وجه المدحة فيه؟.
الجواب، قلنا فى ذلك وجوه:
أولها أن يكون المعنى أنّه سريع المجازاة [1] للعباد على أعمالهم، و أنّ وقت الجزاء قريب و إن تأخر، و يجرى مجرى قوله تعالى: وَ مََا أَمْرُ اَلسََّاعَةِ إِلاََّ كَلَمْحِ اَلْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ ؛ [النحل: 77].
و إنما جاز أن يعبّر عن المجازاة أو الجزاء بالحساب؛ لأنّ ما يجازى به العبد هو كفء لفعله و لمقداره، فهو حساب له إذا كان مماثلا مكافئا.
و ممّا يشهد بأنّ فى الحساب معنى الكفاية و المكافأة قوله تعالى: جَزََاءً مِنْ رَبِّكَ عَطََاءً حِسََاباً ؛ [النبأ: 36]، أى عطاء كافيا، و يقال: أحسبنى الطعام يحسبنى إحسابا إذا كفانى، قال الشاعر:
و إذ لا ترى فى النّاس حسنا يفوتها # و فى النّاس حسن لو تأمّلت محسب [2]