إن سأل سائل عن قوله تعالى: فَخَرَّ عَلَيْهِمُ اَلسَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ ؛ [النحل: 26]
فقال: ما الفائدة فى قوله: مِنْ فَوْقِهِمْ ؛ و هو لا يفيد إلا ما يفيده قوله: فَخَرَّ عَلَيْهِمُ اَلسَّقْفُ ؛ لأنّ مع الاقتصار على القول الأول لا يذهب وهم أحد إلى أن السقف يخرّ من تحتهم؟
الجواب، قيل له فى ذلك أجوبة:
أولها: أن يكون «على» بمعنى «عن» ، فيكون المعنى: فخرّ عنهم السقف من فوقهم؛ أى خرّ عن كفرهم و جحودهم باللّه تعالى و آياته، كما يقول القائل: اشتكى فلان عن دواء شربه، و على دواء شربه، فيكون «على» و «عن» بمعنى من أجل الدّواء؛ كذلك يكون معنى الآية فخرّ من أجل كفرهم السّقف من فوقهم؛ قال الشاعر:
أرمى عليها و هى فرع أجمع # و هى ثلاث أذرع و إصبع
أراد: أرمى عنها؛ لأن كلام العرب: رميت عن القوس، فأقام «على» مقام «عن» ، و لو أنه قال تعالى على هذا المعنى: فَخَرَّ عَلَيْهِمُ اَلسَّقْفُ ، و لم يقل مِنْ فَوْقِهِمْ جاز أن يتوهم متوهم أن السقف خرّ و ليس هم تحته.
و ثانيها: أن يكون «على» بمعنى اللام؛ و المراد: فخر لهم السقف؛ فإن «على» قد تقام مقام اللام؛ و حكى عن العرب: ما أغيظك عليّ!و ما أغمّك عليّ!يريدون: ما أغيظك، و ما أغمّك لى!، قال الطّرمّاح يصف ناقة:
كأنّ مخوّاها على ثفناتها # معرّس خمس وقّعت للجناجن [1]
[1] ديوانه: 168. يقال: خوى البعير؛ إذا تجافى فى بروكه و مكن لثفناته، و الثفنات: جمع ثفنة؛ و هو من البعير ركبته، و ما مس الأرض من كركرته و أصول أفخاذه، و المعرس: محل التعريس، و هو النزول-
نام کتاب : الأمالي - ط دار الفكر العربي نویسنده : السيد الشريف المرتضي جلد : 1 صفحه : 351