نام کتاب : الأمالي - ط دار الفكر العربي نویسنده : السيد الشريف المرتضي جلد : 1 صفحه : 320
/قلنا: يحتمل أن يكون الوجه فى ذلك نعم الدنيا و نعم الآخرة، و ثناهما لأنهما كالجنسين أو كالنوعين، و إن كان كل قبيل منهما فى نفسه ذا عدد كثير؛ لأن اللّه تعالى قد أنعم على عباده بأن عرّفهم بأدلته و براهينه ما أنعم به عليهم، من نعم الدنيا و الآخرة، و عرّفهم ما لهم فى الاعتراف بذلك و الشكر عليه و الثناء به من الثواب الجزيل، و البقاء فى النعيم الطويل.
و يمكن أن يكون الوجه فى تسميتهم للأثر الحسن بالإصبع هو من حيث يشار إليه بالإصبع إعجابا به، و تنبيها عليه؛ و هذه عادتهم فى تسمية الشيء بما يقع عنده، و بما له به علقة، و قد قال قوم فى بيتى طفيل و الراعى: إنهما أرادا أن يقولا «يدا» فى مكان «إصبع» ؛ لأن اليد النعمة، فلم يمكنهما، فعدلا عن اليد إلى الإصبع، لأنها من اليد.
و فى الإصبع الجارحة ثمان لغات: إصبع بفتح الألف و الباء، و إصبع، بفتح الألف و كسر الباء، و إصبع بضم الألف و الباء، و إصبع بضم الألف و فتح الباء، و أصبوع، بضم الألف مع الواو، و إصبع، بكسر الألف و الباء، و إصبع، بكسر الألف و فتح الباء، و إصبع بكسر الألف و ضم الباء.
و فى هذه الأخبار وجه آخر؛ هو أوضح مما ذكر، و أشبه بمذاهب العرب فى ملاحن كلامها، و تصرّف كناياتها؛ و هو أن يكون المعنى فى ذكر الأصابع الإخبار عن تيسّر تصريف القلوب و تقليبها، و الفعل فيها عليه جلّت عظمته، و دخول ذلك تحت قدرته. أ لا ترى أنهم يقولون: هذا الشيء فى خنصرى و إصبعى، و فى يدى و قبضتى؛ كلّ ذلك إذا أرادوا تسهّله و تيسّره و ارتفاع المشقة فيه، و المئونة [1] .
و على هذا المعنى يتأوّل المحققون قوله تعالى: وَ اَلْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ اَلْقِيََامَةِ وَ اَلسَّمََاوََاتُ مَطْوِيََّاتٌ بِيَمِينِهِ ، [الزمر: 68]؛ فكأنه صلى اللّه عليه و آله لما أراد المبالغة