نام کتاب : الأمالي - ط دار الفكر العربي نویسنده : السيد الشريف المرتضي جلد : 1 صفحه : 273
باب فى الجوابات الحاضرة المستحسنة التى يسمّيها قوم المسكتة
/اعلم أنّ أجوبة المحاورة و المناظرة إنّما تستحسن و تؤثر إذا جمعت مع الصواب سرعة الحضور؛ فكم من جواب أتى بعد لأى، و ورد بعد تقاعس، فلم يكن له فى النفوس وقع، و لا حلّ من القلوب محل الحاضر السريع؛ و إن كان المتثاقل أعرق فى نسب الإصابة، و آخذ بأطراف الحجّة، و لهذا قيل: أحسن النّاس جوابا و أحضرهم قريش، ثم العرب، و إنّ الموالى تأتى أجوبتها بعد فكرة و رويّة.
و قد مدح الجواب الحاضر بكل لسان، فقال صحار العبدىّ لمعاوية بن أبى سفيان- و قد سأله عن البلاغة-فقال: أن تصيب فلا تخطئ، و تسرع و لا تبطئ، ثم اختصر ذلك فقال: لا تخطئ و لا تبطئ.
و لطول الفكرة و الإغراق فى الرويّة مذهب و أوان لا يحمد فيهما [1] التسرّع و التعجل، كما لا يحمد فى أوان السرعة التثاقل و التأيّد؛ و إنما تحمد السرعة فى أجوبة المحاورة و المناظرة، و تراد الفكرة و الرويّة للآراء المستخرجة و الأمور المستنبطة؛ التى على الإنسان فيها مهلة، و له فى تأملها فسحة، و لا عيب عليه معها فى إطالة التأمل، و إعادة التصفّح؛ و لهذا قال الأحنف ابن قيس بصفّين: أغبّوا الرأى، فإن ذلك يكشف لكم عن محضه.
و قال عبد اللّه بن وهب الراسبىّ لما أراده الخوارج على الكلام حين عقدوا له: لا خير فى الرأى الفطير، و الكلام القضيب.
و شوور ابن التوأم الرّقاشىّ [2] فأمسك عن الجواب و قال: ما أحبّ الخبز إلاّ بائتا.