فقال: أىّ وجه لتشبيه الذين كفروا بالصائح [1] بالغنم، و الكلام يدلّ على ذمّهم و وصفهم بالغفلة و قلّة التأمل و التمييز، و النّاعق بالغنم قد يكون مميّزا متأمّلا محصّلا؟
يقال له فى هذه الآية خمسة أجوبة:
أولها أن يكون المعنى: مثل واعظ الذين كفروا و الداعى لهم إلى الإيمان و الطاعة كمثل الراعى الّذي ينعق بالغنم و هى لا تعقل معنى دعائه، و إنما تسمع صوته و لا تفهم غرضه؛ و الذين كفروا بهذه الصّفة لأنهم يسمعون وعظ النبي صلى اللّه عليه و آله و دعاءه و إنذاره فينصرفون [2] عن قبول ذلك، و يعرضون عن تأمّله، فيكونون بمنزلة من لم يعقله و لم يفهمه؛ لاشتراكهما فى عدم الانتفاع به. و جائز أن يقوم قوله: وَ اَلَّذِينَ كَفَرُوا مقام الواعظ و الداعى لهم؛ كما تقول العرب: فلان يخافك خوف الأسد؛ و المعنى كخوفه [3] الأسد، فأضاف الخوف إلى الأسد و هو فى المعنى مضاف إلى الرجل، قال الشاعر:
فلست مسلّما ما دمت حيّا # على زيد بتسليم الأمير
أراد بتسليمى على الأمير، و نظائر ذلك كثيرة.
و الجواب الثانى أن يكون المعنى: و مثل الذين كفروا كمثل الغنم التى لا تفهم نداء الناعق، فأضاف اللّه تعالى المثل الثانى إلى الناعق؛ و هو فى المعنى مضاف إلى المنعوق به،
[1] حاشية الأصل (من نسخة) : «الناعق» ، و فى ت: «الصائح: الناعق» .