و في كتاب ابن سحنون و الواضحة قال النبيّ (صلى اللّه عليه و سلم): «يجير على المسلمين أدناهم و يرد عليهم أقصاهم». و في غير الكتابين: «و هم يد على من سواهم» [2].
قال ابن حبيب: معنى يجير عليهم أدناهم: أي الدني من حرّ أو عبد أو امرأة أو صبي يعقل الأمان يجوز أمانهم، و معنى و يرد عليهم أقصاهم: أي ما غنموا في أطراف بلادهم يجعل خمسه في بيت مالهم.
قال ابن الماجشون: لا يجوز الأمان إلا لولي الجيش أو لولي السرية دون غيره. قال ابن شعبان القرطبي: قول ابن الماجشون خلاف قول الناس.
«حكم رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم)» في الجزية بأمر اللّه عز و جل و مقدارها و ممن تقبل و ممن لا يقبل منه إلا الإسلام
قال ابن حبيب: أول ما بعث اللّه نبيه (صلى اللّه عليه و سلم) بالدعوة، بعثه بغير قتال و لا جزية، فأقام على ذلك عشر سنين بمكة بعد نبوته يؤمر بالكف عنهم، ثم أنزل اللّه عليه أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا [الحجّ: الآية 39]، و أمره بقتال من قاتله و الكف عمن لم يقاتله، فقال اللّه عز و جل فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقاتِلُوكُمْ وَ أَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَما جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا [النّساء: الآية 90]. ثم نزلت براءة لثمان سنين من الهجرة فأمره بقتال جميع من لم يسلم من العرب: من قاتله أو كف عنه، إلا من عاهده و لم ينقض من عهده شيئا، فقال: وَ اقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ [النّساء: الآية 89] إلى أن قال: فَإِنْ تابُوا وَ أَقامُوا الصَّلاةَ [التّوبة: الآية 5] فلم يستثن على العرب الذين لم يتعلقوا إلى
[1] رواه مالك في الموطأ (403)، و البخاري (208 و 357)، و مسلم (336) و (70)، و الترمذي (2735) و ابن حبان (1118) من حديث أم هانئ رضي الله عنها.
[2] رواه أحمد في المسند (2/ 215) رقم (2017)، و أبو داود (2751)، و ابن الجارود (1073) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده و هو حديث حسن.
نام کتاب : أقضية رسول الله(ص) نویسنده : ابن طلاع القرطبي جلد : 1 صفحه : 58