نام کتاب : أصول الفقه مع تعليق زارعي السبزواري نویسنده : المظفر، الشيخ محمد رضا جلد : 1 صفحه : 85
3. التعبّديّ و التوصّليّ
تمهيد
كلّ متفقّه يعرف أنّ في الشريعة المقدّسة واجبات لا تصحّ و لا تسقط أوامرها إلّا بإتيانها قربيّة إلى وجه اللّه (تعالى).
و كونها قربيّة إنّما هو بإتيانها بقصد امتثال أوامرها أو بغيره من وجوه قصد القربة إلى اللّه (تعالى)، على ما ستأتي الإشارة إليها (1). و تسمّى هذه الواجبات «العباديّات»، أو «التعبّديّات»، كالصلاة و الصوم و نحوها.
و هناك واجبات أخرى تسمّى «التوصّليّات» و هي التي تسقط أوامرها بمجرّد وجودها و إن لم يقصد بها القربة، كإنقاذ الغريق، و أداء الدين، و دفن الميّت، و تطهير الثوب و البدن للصلاة، و نحو ذلك.
و للتعبّديّ و التوصّليّ تعريف آخر كان مشهورا عند القدماء، و هو أنّ التوصّليّ «ما كان الداعي للأمر به معلوما»، و في قباله التعبّديّ و هو «ما لم يعلم الغرض منه (2)». و إنّما سمّي تعبّديّا؛ لأنّ الغرض الداعي للمأمور ليس إلّا التعبّد بأمر المولى فقط. و لكن التعريف غير صحيح إلّا إذا أريد به اصطلاح ثان للتعبّديّ و التوصّليّ، فيراد بالتعبّد التسليم للّه (تعالى) فيما أمر به و إن كان المأمور به توصّليّا بالمعنى الأوّل، كما يقولون مثلا: «نعمل هذا تعبّدا» و يقولون: «نعمل هذا من باب التعبّد»، أي نعمل هذا من باب التسليم لأمر اللّه (تعالى) و إن لم نعلم المصلحة فيه.
و على ما تقدّم من بيان معنى التوصّليّ و التعبّديّ- المصطلح الأوّل (3)- فإن علم حال واجب بأنّه تعبّديّ أو توصّليّ فلا إشكال، و إن شكّ في ذلك فهل الأصل كونه تعبّديّا أو توصّليّا؟ فيه خلاف بين الأصوليّين. و ينبغي لتوضيح ذلك و بيان المختار تقديم أمور: