نام کتاب : أصول الفقه مع تعليق زارعي السبزواري نویسنده : المظفر، الشيخ محمد رضا جلد : 1 صفحه : 611
اللاحق، بل من جهة الاهتمام بالمقتضيات، و التحفّظ على الأغراض الواقعيّة.
فإنّ كلّ هذه التأويلات إنّما نلتجئ إليها إذا عجزنا عن تصحيح وصف نفس الاستصحاب بالحجّة، و قد عرفت صحّة وصفه بالحجّة بمعناها اللغويّ.
ثمّ لا شكّ في أنّ الموصوف بالحجّة في لسان الأصوليّين نفس الاستصحاب، لا اليقين المقوّم لتحقّقه، و لا الظنّ بالبقاء، و لا مجرّد الكون السابق، و إن كان ذلك كلّه ممّا يصحّ وصفه بالحجّة.
هل الاستصحاب أمارة، أو أصل؟
بعد أن تقدّم أنّه لا يصحّ وصف قاعدة العمل للشاكّ- أيّة قاعدة كانت- بالحجّة في باب الأمارات يتّضح لك أنّه لا يصحّ وصفها بالأمارة؛ فإنّه تكون أمارة على أيّ شيء؟ و على أيّ حكم؟ و لا فرق في ذلك بين قاعدة الاستصحاب، و بين غيرها من الأصول العمليّة، و القواعد الفقهيّة؛ إذ أنّ قاعدة الاستصحاب في الحقيقة مضمونها حكم عامّ، و أصل عمليّ يرجع إليها المكلّف عند الشكّ و الحيرة في بقاء ما كان. و لا يفرق في ذلك بين أن يكون الدليل عليها الأخبار، أو غيرها من الأدلّة، كبناء العقلاء، و حكم العقل، و الإجماع. و لكنّ الشيخ الأنصاريّ (رحمه اللّه) فرّق في الاستصحاب بين أن يكون مبناه الأخبار فيكون أصلا، و بين أن يكون مبناه حكم العقل فيكون أمارة. قال ما نصّه:
«إنّ عدّ الاستصحاب من الأحكام الظاهريّة الثابتة للشىء بوصف كونه مشكوك الحكم، نظير أصل البراءة، و قاعدة الاشتغال مبنيّ على استفادته من الأخبار. و أمّا: بناء على كونه من أحكام العقل فهو دليل ظنّيّ اجتهاديّ، نظير القياس، و الاستقراء على القول بهما». (1)
أقول: و كأنّ من تأخّر عنه أخذ هذا الرأي إرسال المسلّمات. و الذي يظهر من القدماء أنّه معدود عندهم من الأمارات؛ كالقياس، إذ لا مستند لهم عليه إلّا حكم العقل. (2) غير أنّ
[2]. قال الشيخ الأنصاريّ: «و لكن ظاهر كلمات الأكثر: كالشيخ، و السيدين، و الفاضلين و الشهيدين، و صاحب المعالم كونه حكما عقليّا، و لذا لم يتمسّك أحد هؤلاء فيه بخبر من الأخبار». فرائد الأصول 2: 543.
نام کتاب : أصول الفقه مع تعليق زارعي السبزواري نویسنده : المظفر، الشيخ محمد رضا جلد : 1 صفحه : 611