نام کتاب : أصول الفقه مع تعليق زارعي السبزواري نویسنده : المظفر، الشيخ محمد رضا جلد : 1 صفحه : 244
و ذمّ فاعل القبيح على ما أوضحناه فيما سبق.
و إذا اعترفوا بثبوت الحسن و القبح بهذا المعنى فهو اعتراف بإدراك العقل. و لا معنى للتفكيك بين ثبوت الحسن و القبح و بين إدراك العقل لهما إلّا إذا جاز تفكيك الشيء عن نفسه.
نعم، إذا فسّروا الحسن و القبح بالمعنيين الأوّلين جاز هذا التفكيك و لكنّهما ليسا موضع النزاع عندهم.
و هذا الأمر واضح لا يحتاج إلى أكثر من هذا البيان بعد ما قدّمناه في المبحث الأوّل.
المبحث الثالث: ثبوت الملازمة العقليّة بين حكم العقل و حكم الشرع
و معنى الملازمة العقليّة هنا- على ما تقدّم- أنّه إذا حكم العقل بحسن شيء أو قبحه هل يلزم عقلا أن يحكم الشرع على طبقه؟
و هذه هي المسألة الأصوليّة التي تخصّ علمنا، و كلّ ما تقدّم من الكلام كان كالمقدّمة لها. و قد قلنا سابقا (1): إنّ الأخباريّين فسّر كلامهم- في أحد الوجوه الثلاثة المقدّمة الذي يظهر من كلام بعضهم- بإنكار هذه الملازمة. و أمّا الأصوليّون فقد أنكرها منهم صاحب الفصول (2)، و لم نعرف له موافقا. و سيأتي توجيه كلامه و كلام الأخباريّين. (3)
و الحقّ أنّ الملازمة ثابتة عقلا، فإنّ العقل إذا حكم بحسن شيء أو قبحه- أي إنّه إذا تطابقت آراء العقلاء جميعا بما هم عقلاء على حسن شيء لما فيه من حفظ النظام و بقاء النوع، أو على قبحه لما فيه من الإخلال بذلك- فإنّ الحكم هذا يكون بادئ رأي الجميع، فلا بدّ أن يحكم الشارع بحكمهم؛ لأنّه منهم بل رئيسهم، فهو بما هو عاقل- بل خالق العقل- كسائر العقلاء، لا بدّ أن يحكم بما يحكمون. و لو فرضنا أنّه لم يشاركهم في حكمهم، لما كان ذلك الحكم بادئ رأي الجميع، و هذا خلاف الفرض.