التآخي
التآخي الروحي :
كان العصر الجاهلي مسرحاً للمآسي والأرزاء ، في مختلف مجالاته ونواحيه الفكريّة والمادّيّة .
وكان من أبشع مآسيه ، ذلك التسيب الخُلقي ، والفوضى المدمّرة ، ممّا صيّرهم يُمارسون طباع الضواري ، وشريعة الغاب والتناكر والتناحر ، والفتك والسلب ، والتشدق بالثأر والانتقام .
فلما أشرق فجر الإسلام ، وأطل بأنواره على البشريّة ، استطاع بمبادئه الخالدة ، ودستوره الفذ أنْ يُطبّ تلك المآسي ، ويحسِم تلك الأوزار ، فأنشأ مِن ذلك القطيع الجاهلي : ( خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ )[1] عقيدةً وشريعة ، وعِلماً وأخلاقاً . فأحلّ الإيمان محلّ الكُفر ، والنظام محلّ الفوضى ، والعِلم محلّ الجهل ، والسلام محلّ الحرب ، والرحمة محلّ الانتقام .
فتلاشت تلك المفاهيم الجاهليّة ، وخلَفتها المبادئ الإسلامية الجديدة ، وراح النبيّ (صلى الله عليه وآله)يبني ويُنشئ أُمّةً مثاليّةً تَبُذُّ الأُمَمَ نظاماً ، وأخلاقاً وكمالاً .
وكلّما سار المسلمون أشواطاً تحت راية القرآن ، وقيادة الرسول الأعظم
[1] آل عمران : 110 .