المميز و ما علمه السامع و المتكلم من الأوصاف القبيحة و الغيبة من دون مخاطب إلى غير ذلك.
و كيف كان فالغيبة هي ذكر الإنسان الغائب بسوء مع قصد نقصه و حصول النقص و لو عند السامع لاطلاعه على ما لم يعلمه، فجامع القيود المذكورة فهو منها موضوعا، و كل ما لم يجمع القيود المذكورة فليس منها موضوعا و إن شاركها حكما بل كان أشد منها تحريما كما ستعرف ذلك مفصلًا إن شاء الله تعالى.
هذا معناها عرفاً، و العرف هو الميزان مع اختلاف كلام أهل اللغة في التفسير و البيان كما لا يخفى.
الكلام في حرمة الغيبة
ثانيها: في حكمها،
و لا كلام في حرمتها للإجماع محصَّلا و منقولا، بل هي من الضروريات كما سمعت، و يدل على ذلك- بعد ما سمعت و بعد العقل القاطع لكونها من الظلم الذي يستقل العقل بحرمته- من الكتاب قوله تعالى: (وَ لٰا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَ يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً)[1]، و منه قوله تعالى:
(لٰا يُحِبُّ اللّٰهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلّٰا مَنْ ظُلِمَ)[2]، و قوله تعالى: (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ)[3]، فإن الهمزة الطعّان في الناس، و اللمزة الذي يأكل لحوم الناس على ما حكاه بعض أصحابنا، و قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفٰاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذٰابٌ أَلِيمٌ)[4].
و من السنة الأخبار المستفيضة، منها ما روي عن النبي (صلّى الله عليه و آله و سلم):
(إن الغيبة أشد من الزنا، و إن الرجل يزني فيتوب و يتوب الله عليه، و إن صاحب الغيبة لا يُغفر له حتى يغفر له صاحبه) [5]، و منها ما روي عنه (صلّى الله عليه و آله و سلم): (إنه خطب يوما فذكر الربا و عظّم شأنه فقال: إن الدرهم يصيبه الرجل من الربا أعظم من ست و ثلاثين زنية، و إنّ أربى الربا عرض