حين نقول: أصل الماس فحم، أو: بعض الحيوانات برّىّ بحرىّ-قد يشك السامع فى صدق الكلام، أو ينكره؛ فنلجأ إلى الوسائل التى ترشد إليها اللغة لتقوية معنى الجملة، و تأكيد مضمونها، و إزالة الشك عنها أو الإنكار. و من هذه الوسائل تكرار الجملة. لكن التكرار قد تنفر منه النفس أحيانا. فنعدل عنه إلى وسائل أخرى لها مزية التكرار فى تأكيد معنى الجملة، كالقسم، أو:
«إنّ» فنقول: و اللّه أصل الماس فحم. إن بعض الحيوانات برّى بحرىّ. أو:
لام الابتداء و تدخل على المبتدأ كثيرا (و لهذا سميت: لام الابتداء) ، نحو: لرجل فقير يعمل، أنفع لبلاده من غنى لا يعمل. ليد كاسبة خير من يد عاطلة.
و تدخل على غيره، كخبر «إنّ» ، نحو: إنّ أبطال السّلام لخير من أبطال الحرب. و هكذا باقى الوسائل التى تؤكد مضمون الجملة، و تقوى معناها.
و هذه اللام مفتوحة، و فائدتها: توكيد مضمون الجملة المثبتة، و إزالة الشك عن معناها المثبت؛ بالتفصيل الذى أوضحناه فيما سبق [1] ، و أوضحنا معه آثارها النحوية، و المعنوية.
و لها مواضع تدخلها جوازا، و أشهرها ما يأتى:
(1) المبتدأ، كالأمثلة السابقة. و كقول الشاعر:
و للبين خير من مقام على أذى # و للموت خير من حياة على ذلّ
(2) الخبر المتقدم على المبتدأ؛ نحو: لصادق أنت.
(3) خبر إنّ (المكسورة الهمزة، المشددة النون) -دون أخبار أخواتها فى فى الرأى الأصح؛ نحو: إن الشتاء لفصل النشاط [2] ، و إنه لموسم السياحة فى بلادنا
(1 و 1) سبقت الإشارة إليها و التمثيل لها و بيان آثارها النحوية و المعنوية فى ص 445 لمناسبة طارئة، و نعود لتفصيل الكلام عليها هنا؛ مجاراة لكثير من النحاة، اختاروا هذا الموضع للتفصيل. و لكن لا غنى عن الرجوع إلى الموضع السابق الذى انفرد ببعض الأحكام.
[2] قد تسمى فى نحو هذا المثال: باسم اللام «المزحلقة» . و لا يعنينا بعد ذلك ما يقولونه فى سبب
نام کتاب : النحو الوافي (ط ناصر خسرو) نویسنده : عباس حسن جلد : 2 صفحه : 597