نام کتاب : المهدي حقيقة ... لاخرافة نویسنده : محمد بن اسماعيل جلد : 1 صفحه : 142
التأويل عدو الرسالات
فإن التأويل هو سبب البلاء الذى حل بالأمة الإسلامية على مد العصور، و طاغوت التأويل هو الذى فرق الأمة إلى ثلاث و سبعين فرقة، و بإخراج النصوص عن ظاهرها-بدون مسوّغ-و بتأويل كل فرقة للنصوص حتى تشهد لها على مدّعاها انقسمت الأمة، و تشعبت بها الأهواء... و لم ترق دماء المسلمين فى الفتن، و لم تستحل أموالهم و أعراضهم و حرماتهم إلا بالتأويل، فالتأويل وراء كل فسوق و مروق و كفر و ضلال، و زندقة و إلحاد، فاستعرض أحوال الدعاة من متألهين و متنبئين، و متمهّدين، ثم انظر أرباب الفرق من معتزلة و مرجئة و قرامطة و باطنية و بهائية و قاديانية و غيرهم تجد الباب الذى دخلوا منه جميعا هو التأويل، و إن اختلفت أهواؤهم و نزعاتهم و ميولهم.
و لذا كان أهل السنة موفّقين كل التوفيق حين ضيّقوا دائرة التأويل، و جعلوه مقصورا على حد الضّرورة لا يتعدّاها، لأنه بمثابة الرخصة، و قرروا أن كل ما جوزه العقل، و ورد بوقوعه السمع وجب حمله على ظاهره كما نص عليه ابن المنير، و لو لا هذه القاعدة لما صح الإيمان بالمعجزات، و لا بشىء من السمعيات.
و إنما يصار إلى التأويل عند تعذر الجمع بين النصوص المتعارضة، أو لوجود قرينة تصحب الكلام تدل على أن قائله لا يريد ظاهره، أو لغير ذلك من موجبات التأويل، و التأويل الصحيح هو الذى يوافق ما جاءت به السنة، و الفاسد المخالف له، فكل تأويل لم يدل عليه دليل من السياق، و لا معه قرينة تقتضيه فإن هذا لا يقصده المبيّن الهادى بكلامه، إذ لو قصده لحفّ بالكلام قرائن تدل على المعنى المخالف لظاهره حتى لا يوقع السامع فى اللبس و الخطأ، فإن اللّه سبحانه أنزل كلامه بيانا و هدى، فإذا أراد به خلاف ظاهره، و لم يحف به قرائن تدل على المعنى الذى يتبادر غيره إلى فهم كل أحد-لم يكن بيانا و لا هدى