و هي في الفصاحة و البلاغة كأنها تفرغ عن لسان علي (عليه السلام)، كما لا يخفى على من أنعم النظر في خطبتها.
و لو قلنا بعصمتها، لم يكن لأحد أن ينكر، إن كان عارفا بأحوالها في الطفّ و ما بعده.
كيف؟! و لو لا ذلك لما حمّلها الحسين (عليه السلام) مقدارا من ثقل الإمامة أيام مرض السجاد (عليه السلام)، و ما أوصى إليها بجملة من وصاياه، و لما أنابها السجاد (عليه السلام) نيابة خاصة في بيان الأحكام و جملة أخرى من آثار الولاية.
أ لا ترى ما رواه الصدوق رحمه اللّه في إكمال الدين، و الشيخ في كتاب الغيبة، مسندا عن أحمد بن إبراهيم؛ قال: دخلت على حكيمة بنت محمد بن علي أبي الحسن العسكري في سنة اثنتين و ثمانين بعد المائتين، فكلّمتها من وراء حجاب، و سألتها عن دينها، فسمت لي من نأتمّ به، ثم قالت: فلان بن الحسن. فقلت: جعلني اللّه فداك! معاينة أو خبرا؟! فقالت: خبرا عن أبي محمد (عليه السلام)، كتب به إلى أمه.
فقلت لها: فأين المولود؟! فقالت: مستور. فقلت: إلى من تفزع الشيعة؟
فقالت: إلى الجدة أم أبي محمد (عليه السلام). فقلت لها: اقتدى بمن في وصيته إلى المرأة؟!
فقالت: اقتدى بالحسين بن علي (عليه السلام)؛ أوصى إلى أخته زينب بنت علي بن أبي طالب (عليه السلام) في الظاهر، و كان ما يخرج عن علي بن الحسين (عليه السلام) من علم ينسب إلى زينب بنت علي (عليه السلام) تستّرا على علي بن الحسين (عليه السلام).
ثم قالت: إنكم قوم أصحاب أخبار، أ ما رويتم أن التاسع من ولد الحسين (عليه السلام) يقسم ميراثه و هو في الحياة؟! الحديث.
و حينئذ فقد صح قول القائل:
فإن يكن النساء كمن ذكرنا * * * لفضّلت الرجال على النساء