عن عائشة: إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لما قدم المدينة، خرجت ابنته زينب من مكة مع كنانة- أو ابن كنانة-. فخرجوا في طلبها، فأدركها هبّار بن الأسود. فلم يزل يطعن بعيرها برمحه حتى صرعها و ألقت ما في بطنها، و هريقت دما فتخلّت.
و اشتجر فيها بنو هاشم و بنو أمية؛ فقال بنو أمية: نحن أحقّ بها، و كانت تحت ابن عمّهم أبي العاص و كانت عند هند بنت عتبة بن ربيعة، و كانت تقول: هذا في سبب أبيك.
فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لزيد بن حارثة: ألا فتجيء بزينب؟ قال: بلى يا رسول اللّه. قال:
فخذ خاتمي فأعطها إياه. فانطلق زيد، فلم يزل يتلطّف، فلقي راعيا فقال: لمن ترعى؟
قال: لأبي العاص. فقال: لمن هذه الغنم؟ قال: لزينب بنت محمد. فسار معه شيئا، ثم قال: هل لك أن أعطيك شيئا تعطيها إياه و لا تذكره لأحد؟ قال: نعم. فأعطاه الخاتم.
و انطلق الراعي و أدخل غنمه و أعطاها الخاتم. فعرفته فقالت: من أعطاك هذا؟ قال:
رجل. قالت: فأين تركته؟ قال: بمكان كذا و كذا. فسكتت حتى إذا كان الليل، خرجت إليه، فلما جاءته قال لها: اركبي بين يديّ على بعيره. قالت: لا، و لكن اركب أنت بين يديّ. فركب و ركبت وراءه حتى أتت. فكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: هي خير بناتي، أصيبت فيّ.
فبلغ ذلك علي بن حسين (عليه السلام)، فانطلق إلى عروة فقال: ما حدّثت؟ بلغني عنك أنك تحدّثه تنتقص حق فاطمة (عليها السلام)؟! فقال عروة: و اللّه ما أحبّ أن لي ما بين المشرق و المغرب و أني أنتقص فاطمة (عليها السلام) حقا هو لها، و أما بعد ذلك إني لا أحدّث به أبدا.
و أقول: هذه الخيرية المذكورة في هذا الحديث هي باعتبار ما قيّدها به رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من قوله: «أصيبت فيّ»، فلا يدلّ على الخيرية المطلقة. فإن فاطمة (عليها السلام) ليس لغيرها من بناته صلّى اللّه عليه و آله عشر معشار ما ورد في مناقبها؛ و قد قدّمنا في ذلك ما هو أوضح من شمس النهار، فاعرف هذا.