قال محمد كامل حسن في ذكر جمال فاطمة الزهراء (عليها السلام): ما كان لي أن أتحدّث عن جمال السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام). فالجمال أمر نسبيّ من ناحية و من ناحية أخرى لا قيمة لجمال الوجه أو الجسد إذا لم يكن مقرونا بجمال الروح و حسن الخلق و الطباع.
و أنا إذا تحدّثت عن جمال الزهراء (عليها السلام) فلأن بعض المستشرقين الذين كتبوا عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و زوجاته و بناته، أرادوا- سواء عن خبث أم عن جهل منهم- أن يفتعلوا بعض الأخبار و يبتدعوا بعض الروايات التي تضفي على مؤلفاتهم شيئا من الإثارة أو من التشويق المفتعل.
من ذلك ما ذكره البعض من أن الزهراء (عليها السلام) لم يكن لها حظّ من الجمال و من أجل ذلك تأخّر زواجها من الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)، إذ أنها لم تتزوّج منه إلا بعد أن جاوزت العام الثامن عشر من عمرها، و كانت فتيان العرب لا يتأخّر زواجهنّ عن الخامسة عشرة أو السادسة عشرة على الأكثر.
و قال البعض الآخر: إن الرسول صلّى اللّه عليه و آله حينما فاتح فاطمة (عليها السلام) في أمر زواجها من علي بن أبي طالب (عليه السلام) أجهشت بالبكاء.
لقد حاول بعض المستشرقين- في قحة لا نظير لها- أن يعلّلوا بكاءها بأنه بكاء الفرح، لأنها لم تكن تتوقع أن أحدا يتقدم لخطبتها بعد أن فاتها سنّ الزواج ...، و لما كانت عليه- كما يدّعون- من قلّة الحظّ من الجمال.
من أجل ذلك كله، أردت أن أتحدّث عن جمال الزهراء (عليها السلام) حديثا منطقيا مقنعا، و إن كان الجمال الظاهر لا قيمة له دون جمال الروح كما قدّمنا.
من المسلّم به، أن الوراثة تتحكّم في مستوى الجمال تحكّما قويا.