ثم لم تلبثوا إلا ريث أن تسكن نفرتها، تسرّون حسوا في ارتغاء، و نحن نصبر منكم على مثل حزّ المدى، و أنتم الآن تزعمون ألا إرث لنا؟! أ فحكم الجاهليه تبغون؟ و من أحسن من اللّه حكما لقوم يوقنون؟
يا ابن أبي قحافة! أ ترث أباك و لا أرث أبي؟ لقد جئت شيئا فريا! فدونكها مخطومة مرحولة، تلقاك يوم حشرك، فنعم الحكم اللّه، و الزعيم محمد (صلّى اللّه عليه و آله)، و الموعد القيامة و عند الساعة يخسر المبطلون.
ثم انكفأت إلى قبر أبيها (صلّى اللّه عليه و آله) فقالت:
قد كان بعدك أنباء و هنبثة * * * لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب
إنا فقدناك فقد الأرض وابلها * * * و اختلّ قومك فاشهدهم فقد نكبوا
و في بعض الروايات من المشار إليه زيادة هذه ألفاظها:
أ فعلي عمد تركتم كتاب اللّه و نبذتموه وراء ظهوركم؟ إذ يقول اللّه تعالى «وَ وَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ»[1]، و قال فيما اقتصّ من خبر يحيى بن زكريا إذ قال: «فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَ يَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ»[2]، و قال: «وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ»[3]، و قال: «يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ». [4]
ثم عطفت على قبر أبيها و بكت و تمثّلت بقول صفية بنت اثاثة و قيل أنابه:
و كان جبريل بالآيات يؤنسنا * * * فقد فقدت و كل الخير محتجب
و كنت بدرا و نورا يستضاء به * * * عليك ينزل من ذي العزة الكتب
تجهّمتنا رجال و استخفّ بنا * * * لما فقدت و كل الأرض مغتصب