و لما ولّي عثمان قالت له عائشة: اعطني ما كان يعطيني أبي و عمر. فقال: لا أجد له موضعا في الكتاب و لا في السنة، و لكن كان أبوك و عمر يعطيانك عن طيبة أنفسهما و أنا لا أفعل.
قالت: فاعطني ميراثي من رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله). فقال: أ ليس جئت فشهدت أنت و مالك بن أوس النصري أن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) قال: لا نورّث، فأبطلت حق فاطمة (عليها السلام) و جئت تطلبينه؟! لا أفعل. قال: فكان إذا خرج إلى الصلاة نادت و ترفع القميص و تقول: إنه قد خالف صاحب هذا القميص.
فلما آذته صعد المنبر فقال: إن هذه الزعراء عدوة اللّه، ضرب اللّه مثلها و مثل صاحبتها حفصة في الكتاب: «امْرَأَتَ نُوحٍ وَ امْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما ... وَ قِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ». [1] فقالت له: يا نعثل يا عدو اللّه، إنما سمّاك رسول اللّه باسم نعثل اليهودي الذي باليمن، فلاعنته و لاعنها، و حلفت أن لا تساكنه بمصر أبدا و خرجت إلى مكة.
قلت: قد نقل ابن أعثم صاحب الفتوح أنها قالت: اقتلوا نعثلا، قتل اللّه نعثلا، فلقد أبلى سنة رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) و هذه ثيابه لم تبل، و خرجت إلى مكة.
و روى غيره: إنه لما قتل جاءت إلى المدينة، فلقيها فلان فسألته عن الأحوال، فخبّرها فقال: إن الناس اجتمعوا على علي (عليه السلام). فقالت: و اللّه لأطالبنّ دمه. فقال لها: فأنت حرّصت على قتله! قالت: إنهم لم يقتلوه حيث قلت، و لكن تركوه حتى تاب و نقي من ذنبوه و صار كالسبيكة و قتلوه.
و أظنّ أن ابن أعثم رواه كذا أو قريبا منه، فإن كتابه لم يحضرني وقت بلوغي هذا الموضع.