قال ابن أبي الحديد عند شرح قول أمير المؤمنين (عليه السلام):
فنظرت فإذا ليس لي معين إلا أهل بيتي، فضننت بهم عن الموت، فأغضيت على القذى و شربت على الشجى و صبرت على أخذ الكظم و على أمر من طعم العلقم؛ ما هذا لفظه:
اختلفت الروايات في قصة السقيفة، فالذي تقوله الشيعة و قد قال قوم من المحدثين بعضه و رووا كثيرا منه، إن عليا (عليه السلام) امتنع من البيعة حتى أخرج كرها، و إن الزبير بن العوام امتنع من البيعة و قال: لا أبايع إلا عليا، و كذلك أبو سفيان بن حرب و خالد بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس و العباس بن عبد المطلب و بنوه و أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب و جميع بني هاشم.
و قالوا: إن الزبير شهر سيفه، فلما جاء عمر و معه جماعة من الأنصار و غيرهم، قال في جملة ما قال: خذوا سيف هذا فاضربوا به الحجر، و يقال: إنه أخذ السيف من يد الزبير فضرب به حجرا فكسره، و ساقهم كلهم بين يديه إلى أبي بكر فحملهم على بيعته، و لم يتخلف إلا علي (عليه السلام) وحده؛ فإنه اعتصم ببيت فاطمة (عليها السلام)، فتحاموا إخراجه منه قسرا. فقامت فاطمة (عليها السلام) إلى باب البيت فأسمعت من جاء يطلبه، فتفرّقوا و علموا أنه بمفرده لا يضرّ شيئا فتركوه، و قيل: إنهم أخرجوه فيمن أخرج و حمل إلى أبي بكر، فبايعه.
و قد روى أبو جعفر محمد بن جرير الطبري كثيرا من هذا.
فأما حديث التحريق و ما جرى مجراه من الأمور الفظيعة، و قول من قال: إنهم أخذوا عليا (عليه السلام) يقاد بعمامته و الناس حوله، فأمر بعيد و الشيعة تنفرد به، على أن جماعة من أهل الحديث قد رووا نحوه و سنذكر ذلك.