فلما أكلا من الشجرة طار الحلي و الحلل من أجسادهما و بقيا عاريين، فطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة، و ناداهما ربهما: «أ لم أنهكما عن تلكما الشجرة و أقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين»؟ فقالا: «رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَ إِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَ تَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ»[1]. قال: «اهبطا من جواري، فلا يجاورني في جنتي من يعصيني».
فهبطا موكولين إلى أنفسهما في طلب المعاش. فلما أراد اللّه أن يتوب عليهما جاءهما جبرئيل فقال لهما: إنكما ظلمتما أنفسكما بتمني منزلة من فضّل عليكما.
فجزاؤكما ما قد عوقبتما به من الهبوط من جوار اللّه تعالى إلى أرضه. فاسألا ربكما بحق الأسماء التي رأيتماها على ساق العرش حتى يتوب عليكما.
فقالا: «اللهم إنا نسألك بحق الأكرمين عليك (عليهم السلام) محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة التسعة إلا تبت علينا و رحمتنا»، فتاب اللّه عليهما إنه هو التواب الرحيم.
قال: فلم يزل أنبياء اللّه بعد ذلك يحفظون هذه الأمانة و يخبرون بها أوصيائهم، و المخلصين من أممهم، فيأبون حملها و يشفقون من ادعائها، و حملها الإنسان الذي قد عرف.
فأصل كل ظلم منه إلى يوم القيامة، و ذلك قول اللّه «إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبالِ، فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَ أَشْفَقْنَ مِنْها وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا». [2]
المصادر:
1. معاني الأخبار: ص 107 ح 1.
2. المحتضر: ص 161.
3. الجواهر السنية في الأحاديث القدسية: ح 254 عن معاني الأخبار شطرا من الحديث.
4. إثبات الهداة: ج 1 ص 490 ح 173، عن معاني الأخبار شطرا من الحديث.
5. البرهان في تفسير القرآن: ج 1 ص 82 عن الصدوق، ج 3 ص 340 ح 1 عنه أيضا.
6. بحار الأنوار: ج 8 ص 308 ح 74، عن معاني الأخبار شطرا من الحديث، ج 26 ص 320 ح 2، ج 61 ص 136 ح 11.
7. الأحاديث القدسية المسندة (مخطوط): ص 113، شطرا من الحديث بتفاوت يسير