انهالت المصائب بعد وفاة رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) على الزهراء (عليها السلام) واحدة تلو الأخرى فأنكتها و أعيتها بحيث لازمت فراش العلة بعد ذلك، و بدأت تشتد علتها يوما بعد يوم.
و لم تأذن الزهراء (عليها السلام) بعيادة أبي بكر و عمر لها بعد مقاطعتها لهم، فاضطر أبو بكر و عمر تحت ضغط الرأى العام أن يعودا الزهراء (عليها السلام)، فطلبا من أمير المؤمنين (عليه السلام) أن يستأذن لهما بعيادتها فلم تأذن لهما. فجاءا في إحدى الأيام على باب الدار و طلبا من علي (عليه السلام) الإذن ليسمح لهما لعيادة الزهراء (عليها السلام).
فجاء أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى الزهراء (عليها السلام) و قال: يا بنت رسول اللّه، قد كان من هذين الرجلين ما قد رأيت و قد ترددا مرارا و رددتهما و لم تأذني لهما و قد سألاني أن أستأذن لهما عليك. فقال فاطمة (عليها السلام): «البيت بيتك و الحرة زوجتك و النساء تبع للرجال. لا أخالف عليك بشيء فأذن لمن أحببت».
فقال (عليه السلام) لها: «شدّي قناعك»، فشدّت قناعها و حوّلت وجهها إلى الحائط. فدخل أبو بكر و عمر حجرتها فسلّما عليها، فلم ترد عليهما و حوّلت وجهها عنهما، فتحوّلا و استقبلا وجهها حتى فعلت مرارا، ثم قالت: يا على، جاف الثوب. و قالت لنسوة حولها: حوّلن وجهي. و يبدو أن دخول هذين الرجلين قد أرهقها بحيث اشتد بها الضعف و لم تستطع أن تحوّل وجهها، فطلبت من النساء ذلك.
فقال لها أبو بكر: إنا جئنا معتذرين مبتغين مرضاتك، فاغفري و اصفحي عنا و لا تؤاخذينا بما كان منا.
فالتفتت (عليها السلام) إلى علي (عليه السلام) و قالت: «إنى لا أكلّمهما من رأسي كلمة حتى أسألهما عن شيء سمعاه من رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)، فإن صدّقاني رأيت رأيي».
ثم قالت: أنشدكما باللّه هل سمعتما النبي (صلّى اللّه عليه و آله) يقول: «فاطمة بضعة مني و أنا منها، من آذاها فقد آذاني و من آذاني فقد آذى اللّه».