فالتفت الزهراء (عليها السلام) إلى الناس و وبّختهم لميلهم إلى الباطل. فأجهش القوم بالبكاء و النحيب، و علا صوت البكاء من بني عبد المطلب و المهاجرين و الأنصار، و ارتجت أرض المدينة و علت أصوات البكاء كيوم وفاة الرسول (صلّى اللّه عليه و آله).
و بعد خطبة الزهراء (عليها السلام) اضطرب أبو بكر و عمر، فتشاورا معا ثم دعوا الناس بعد ذلك إلى المسجد و اتخذوا أسلوب الترهيب و أمروا الناس بالتزام الصمت و عدم التدخل في شئون الخليفة. ثم دعوهم ليأتوا بكرة لاستلام حصتهم من بيت المال!
فعادت الزهراء (عليها السلام) إلى دارها و يحيطها الحزن و الأسى، و كان يتوقع أمير المؤمنين (عليه السلام) رجوعها إليه. فلما عادت و استقرت بها الدار بثت همومها إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فواساها الإمام علي (عليه السلام) و دعاها إلى الصبر و كظم الغيظ.
فلازمت الزهراء (عليها السلام) فراش العلة بعد عودتها إلى الدار، و لما اشتد مرضها اجتمع عندها نساء المهاجرين و الأنصار فسألوها عن صحتها، فحمدت اللّه و أثنت عليه و صلّت على أبيها رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله). ثم تبيّنت أنها غير راضية عن رجال المهاجرين و الأنصار، و أنّهم قصروا في حقّها و تركوا أمير المؤمنين (عليه السلام) حتى غصبت منه الخلافة، ثم ذكرت أنّهم لو اتّبعوا أمير المؤمنين (عليه السلام) لهداهم إلى الحق، و لكنهم نقموا من أبي الحسن نكير سيفه و شدة وطأته و نكال وقعته و تنمره في ذات اللّه عز و جل.
ثم أشارت إلى الخسران المبين الذي وقعت به الأمة و تأسفت على ذلك و قالت: إن ذلك سوف يؤدي إلى هرج شامل و استبداد من الظالمين.
فدك بعد غصبها من فاطمة (عليها السلام)
بعد غصب فدك من الزهراء (عليها السلام) و تكذيب القوم لعصمتها و عصمة أمير المؤمنين و الحسن و الحسين (عليهم السلام) و تكذيبهم شهادة أم أيمن التي شهد الرسول أنها امرأة من أهل الجنة و بعد هتكهم حرمتها أمام الملأ، اشتد مرض الزهراء (عليها السلام) فلازمت فراش العلة و أعلنت حرمة تصرف الغاصبين بفدك و أوعدتهم بأن ما يأكلون من ثمارها إنما هو نار يدخل في بطونهم.