بلغ بكاء الزهراء (عليها السلام) و عويلها بعد وفاة أبيها إلى درجة لا ترقأ دمعتها و لا تهدأ زفرتها حتى عدّت من البكّائين الخمس في العالم.
و هم الإمام زين العابدين (عليه السلام) الذي بكى أكثر من ثلاثين عاما على المصائب التي حلّت بأبيه الإمام الحسين (عليه السلام) و أهل بيته في حادثة الطف الدامية، و البكاءون الآخرون هم يوسف و يعقوب (عليهما السلام) إذ بكى كل منهما على فراق الآخر ما يقارب أربعين عاما، و آدم (عليه السلام) إذ بكى ثلاثمائة عام على خطيئته بعد أن أخرجه اللّه عز و جل من الجنة و أبعده من جوار رحمته. و الزهراء (عليها السلام) ببكائها في فترة أقل من ثلاثة أشهر عدّت من هؤلاء.
و من هنا يتبين فداحة المصائب التي صبت عليها من قبيل فراقها لأبيها و غصب القوم للخلافة و ظلمهم لبعلها و غصبهم فدك منها، و تضييعهم باقي حقوقها و انتهاكهم حرمتها و ايذائهم المستمر لها، و من هنا أيضا يتبين ما لاقته الزهراء (عليها السلام) من كسر ضلعها و ضربهم عضدها بالسوط و إحراقهم بيتها و إسقاطهم جنينها المحسن (عليه السلام) و غير ذلك بحيث تقول الزهراء (عليها السلام) بنفسها: