ثم نطقت فاطمة قائلة: «أشهد أن لا إله إلا اللّه و أن ولدي سادة الأسباط»، ثم سلّمت عليهن، و سمّت كل واحدة منهن باسمها.
و تباشرت الحور العين و بشّر أهل الجنة بعضهم بعضا بولادة فاطمة (عليها السلام). ثم سلّمت إحداهن فاطمة (عليها السلام) إلى خديجة و قالت: «خذيها يا خديجة طاهرة مطهرة زكية ميمونة، بورك فيها و في نسلها». فتناولتها خديجة (عليها السلام) فرحة مستبشرة فألقمتها ثديها، فشربت فدرّ عليها.
فترة صغر فاطمة (عليها السلام)
أمضت الزهراء (عليها السلام) مدة خمس سنوات من عمرها في مكة مع أمها و أبيها في أجمل أجواء عائلية ملؤها العطف و الحنان، و كانت الزهراء (عليها السلام) تساعد أمها لتوفّر الأجواء المناسبة لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) ليقوي على نشر الإسلام في خارج البيت.
فالزهراء (عليها السلام) في جميع مراحل طفولتها وقفت إلى جانب خديجة و أمير المؤمنين (عليه السلام) و نصرت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) على قدر وسعها، و كانت تسلّيه و تصبّره و تحاول أن تقدم له خدمة بأي صورة ممكنة.
و لم تمض مدة على بيت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) الذي كان ملؤه السعادة إلا و مرضت خديجة و لازمت فراش العلة. فتألّمت الزهراء (عليها السلام) و أصبحت تعيش حالة انتظار عودة صحة أمها لتكون معها، و لا سيما وقت الصلاة ليتضرعا معا إلى بارئهما.
و لكن تفاقمت حالة خديجة الصحية و يئس الجميع من بقائها على قيد الحياة.
فدعى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) الزهراء (عليها السلام) و كان عمرها يقارب خمس سنوات و جعل يوصيها بالصبر، فعلمت الزهراء (عليها السلام) بقرب فقدانها لأمّها.
و لم تمض فترة حتى توفيت خديجة و فارقت روحها الحياة، فبقيت الزهراء (عليها السلام) وحيدة تعاني من فراق أمها. فكانت (عليها السلام) تلتجئ إلى الرسول (صلّى اللّه عليه و آله) و تشكو له همّها.