إن فاطمة الزهراء (عليها السلام) خلقت هي و أبوها و بعلها و بنوها- أصحاب الكساء الخمسة- بسبعة آلاف عام قبل خلق العالم، فكانوا أنوارا محدقين بالعرش الإلهي يسبّحون اللّه و يقدّسونه و يهلّلونه.
و إن طينة هؤلاء عجنت بماء الحيوان، ثم خلقت أرواح شيعتهم و مواليهم من فاضل تلك الطينة.
و بعد خلق الزهراء النورانية و قبل ولادتها، عرضت ولايتها على السماوات و الأرضين، فمن قبلها كتب من المؤمنين و المقرّبين و من جحدها كتب من الكافرين.
انعقاد نطفتها المباركة
شاءت الإرادة الإلهية أن تهبط الصديقة الكبرى من الملكوت الأعلى إلى ساحة الناسوت و إلى هذه المعمورة بعد مضى آلاف السنين من خلق نورها في العوالم العليا.
و في الحقيقة إن ولادتها في الأرض لا تعتبر بدء لخلقها، بل هي نشأة ثانية و تجل ثان لنورها.
كما ينبغي أن لا نتصور أن ولادة الزهراء (عليها السلام) هي مجرد ولادة طفل مبارك و عظيم على وجه الأرض، بل إن ولادتها تمثّل ولادة أعظم شخصية مقدسة و ولية للّه.
و لما حان وقت حملها أمر اللّه عز و جل نبيه و جبرائيل و الملائكة و من في الجنة أن يعدوا أنفسهم لذلك. فهبط الأمين على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) و قال له: «العلي الأعلى يقرأ عليك السلام و هو يأمرك أن تعتزل خديجة أربعين صباحا».
فشق ذلك على النبي و لكنه امتثل أمر اللّه عز و جل؛ فأقام أربعين يوما يصوم النهار و يقوم الليل في بيت فاطمة بنت أسد. ثم بعث عمار بن ياسر إلى خديجة و قال لها: «يا خديجة، لا تظني أن انقطاعي عنك هجرة و لا قلى، و لكن ربي عز و جل أمرني بذلك لينفذ أمره، فلا تظني يا خديجة إلا خيرا، فإن اللّه عز و جل ليباهي بك كرام ملائكته كل