نَهَيَاهُ عَنِ الْكُوفَةِ وَ قَالا إِنَّهَا بَلْدَةٌ مَشْئُومَةٌ قُتِلَ فِيهَا أَبُوكَ وَ خُذِلَ فِيهَا أَخُوكَ فَالْزَمِ الْحَرَمَ فَإِنَّكَ سَيِّدُ الْعَرَبِ لَا يَعْدِلُ بِكَ أَهْلُ الْحِجَازِ وَ تَتَدَاعَى إِلَيْكَ النَّاسُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ ثُمَّ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ وَ إِنْ نَبَتَ بِكَ[1] لَحِقْتَ بِالرِّمَالِ وَ سَعَفِ الْجِبَالِ وَ تَنَفَّلْتَ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ حَتَّى تَفَرَّقَ لَكَ الرَّأْيُ فَتَسْتَقْبِلَ الْأُمُورَ اسْتِقْبَالًا وَ لَا تَسْتَدْبِرْهَا اسْتِدْبَاراً.
وَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَا تَخْرُجْ إِلَى الْعِرَاقِ وَ كُنْ بِالْيَمَنِ لِحَصَانَتِهَا وَ رِجَالِهَا.
فَقَالَ ع إِنِّي لَمْ أَخْرُجْ بَطِراً وَ لَا أَشِراً وَ لَا مُفْسِداً وَ لَا ظَالِماً وَ إِنَّمَا خَرَجْتُ أَطْلُبُ الصَّلَاحَ فِي أُمَّةِ جَدِّي مُحَمَّدٍ أُرِيدُ آمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَ أَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ أَسِيرُ بِسِيرَةِ جَدِّي وَ سِيرَةِ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَمَنْ قَبِلَنِي بِقَبُولِ الْحَقِّ فَاللَّهُ أَوْلَى بِالْحَقِّ وَ هُوَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ قَالُوا فَخَرَجَ لَيْلَةَ الثَّالِثِ مِنْ شَعْبَانَ سَنَةَ سِتِّينَ وَ هُوَ يَقْرَأُ فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً يَتَرَقَّبُ الْآيَةَ. ثُمَّ إِنَّ أَهْلَ الْكُوفَةِ اجْتَمَعُوا فِي دَارِ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدَ الْخُزَاعِيِّ فَكَاتَبُوا الْحُسَيْنَ ع مِنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدَ وَ الْمُسَيَّبِ بْنِ نَجِيَّةَ وَ رِفَاعَةَ بْنِ شَدَّادٍ وَ حَبِيبِ بْنِ مُظَاهِرٍ وَ شِيعَتِهِ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ سَلَامٌ عَلَيْكَ أَمَّا بَعْدُ فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي قَصَمَ عَدُوَّكَ الْجَبَّارَ الْعَنِيدَ الَّذِي انْتَزَى عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ فَابْتَزَّهَا أَمْرَهَا[2] وَ غَصَبَهَا فَيْئَهَا وَ تَأَمَّرَ عَلَيْهَا بِغَيْرِ رِضًى مِنْهَا ثُمَّ قَتَلَ خِيَارَهَا وَ اسْتَبْقَى شِرَارَهَا وَ جَعَلَ مَالَ اللَّهِ دُولَةً بَيْنَ جَبَابِرَتِهَا وَ عُتَاتِهَا فَبُعْداً لَهُ كَما بَعُدَتْ ثَمُودُ إِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْنَا بِإِمَامٍ فَأَقْبِلْ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَجْمَعَنَا عَلَى الْحَقِّ بِكَ وَ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ فِي قَصْرِ الْإِمَارَةِ لَسْنَا نَجْمَعُ مَعَهُ فِي الْجُمُعَةِ وَ لَا نَخْرُجُ مَعَهُ إِلَى عِيدٍ وَ لَوْ قَدْ بَلَغَنَا أَنَّكَ قَدْ أَقْبَلْتَ إِلَيْنَا أَخْرَجْنَاهُ حَتَّى نُلْحِقَهُ بِالشَّامِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
ثُمَّ سَرَّحُوا الْكِتَابَ[3] مَعَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ الْهَمْدَانِيِّ وَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مِسْمَعٍ الْبَكْرِيِّ حَتَّى قَدِمَا عَلَى الْحُسَيْنِ لِعَشْرٍ مَضَيْنَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ.
[1] نبت المكان بفلان: لم يوافقه. و ما قال بعض المحشين من ان اللفظة بتوسط المثناة الفوقانية بين النون و الموحدة التحتانية من نتأ الشيء خرج من موضعه فهو خطاء.
[2] انتزى انتزاء: تسرع الى الشر. و ابتزها: اي سلبها.
[3] سرح إليه رسولا: ارسله.