تُولِينِي عَنْكَ فَلَسْتُ مَوْضِعَ صَدَقَةٍ فَقَامَ ع فَدَخَلَ الْحُجْرَةَ وَ بَقِيَ سَاعَةً ثُمَّ خَرَجَ وَ رَدَّ الْبَابَ وَ أَخْرَجَ يَدَهُ مِنْ أَعْلَى الْبَابِ فَقَالَ خُذْ هَذِهِ الْمِائَتَيْ دِينَارٍ فَاسْتَعِنْ بِهَا فِي أُمُورِكَ وَ نَفَقَتِكَ وَ تَبَرَّكْ بِهَا وَ لَا تَتَصَدَّقْ بِهَا عَنِّي اخْرُجْ وَ لَا أَرَاكَ وَ لَا تَرَانِي فَلَمَّا خَرَجَ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ مَخَافَةَ أَنْ أَرَى ذُلَّ السُّؤَالِ فِي وَجْهِهِ لِقَضَاءِ حَاجَتِهِ أَ مَا سَمِعْتَ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ ص الْمُسْتَتِرُ بِالْحَسَنَةِ تَعْدِلُ سَبْعِينَ حِجَّةً وَ الْمُذِيعُ بِالسَّيِّئَةِ مَخْذُولٌ وَ الْمُسْتَتِرُ بِهَا مَغْفُورٌ أَ مَا سَمِعْتَ قَوْلَ الْأَوَّلِ
مَتَى آتِهِ يَوْماً أُطَالِبُ حَاجَةً
رَجَعْتُ إِلَى أَهْلِي وَ وَجْهِي بِمَائِهِ
.
وَ فَرَّقَ ع بِخُرَاسَانَ مَالَهُ كُلَّهُ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ فَقَالَ لَهُ الْفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ إِنَّ هَذَا لَمَغْرَمٌ فَقَالَ بَلْ هُوَ الْمَغْنَمُ لَا تَعُدَنَّ مَغْرَماً مَا ابْتَغَيْتَ بِهِ أَجْراً وَ كَرَماً.
إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْعَبَّاسِ كَانَ الرِّضَا ع إِذَا جَلَسَ عَلَى مَائِدَتِهِ أَجْلَسَ عَلَيْهَا مَمَالِيكَهُ حَتَّى السَّائِسَ وَ الْبَوَّابَ.
وَ لَهُ ع
لَبِسْتُ بِالْعِفَّةِ ثَوْبَ الْغِنَى
وَ صِرْتُ أَمْشِي شَامِخَ الرَّأْسِ
لَسْتُ إِلَى النَّسْنَاسِ مُسْتَأْنِساً
لَكِنَّنِي آنَسُ بِالنَّاسِ
إِذَا رَأَيْتُ التِّيهَ مِنْ ذِي الْغِنَى
تِهْتُ عَلَى التَّائِهِ بِالْيَأْسِ[1]
مَا انْ تَفَاخَرْتُ عَلَى مُعْدِمٍ
وَ لَا تَضَعْضَعْتُ لِإِفْلَاسٍ
وَ دَخَلَ زَيْدُ بْنُ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ ع عَلَى الْمَأْمُونِ فَأَكْرَمَهُ وَ عِنْدَهُ الرِّضَا ع فَسَلَّمَ زَيْدٌ عَلَيْهِ فَلَمْ يُجِبْهُ فَقَالَ أَنَا ابْنُ أَبِيكَ وَ لَا تَرُدُّ عَلَيَّ سَلَامِي فَقَالَ ع أَنْتَ أَخِي مَا أَطَعْتَ اللَّهَ فَإِذَا عَصَيْتَ اللَّهَ فَلَا إِخَاءَ بَيْنِي وَ بَيْنَكَ.
و
ذَكَرَ ابْنُ الشَّهْرَزُورِيِّ فِي مَنَاقِبِ الْأَبْرَارِ أَنَّ مَعْرُوفَ الْكَرْخِيِّ كَانَ مِنْ مَوَالِي عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا ع وَ كَانَ أَبَوَاهُ نَصْرَانِيَّيْنِ فَسَلَّمَا مَعْرُوفاً إِلَى الْمُعَلِّمِ وَ هُوَ صَبِيٌّ فَكَانَ الْمُعَلِّمُ يَقُولُ لَهُ قُلْ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَ هُوَ يَقُولُ بَلْ هُوَ الْوَاحِدُ فَضَرَبَهُ الْمُعَلِّمُ ضَرْباً مُبَرِّحاً فَهَرَبَ وَ مَضَى إِلَى الرِّضَا ع وَ أَسْلَمَ عَلَى يَدِهِ ثُمَّ إِنَّهُ أَتَى دَارَهُ فَدَقَّ الْبَابَ فَقَالَ أَبُوهُ مَنْ بِالْبَابِ فَقَالَ مَعْرُوفٌ فَقَالَ عَلَى أَيِّ دِينٍ قَالَ عَلَى دِينِي الْحَنِيفِيِّ فَأَسْلَمَ أَبُوهُ بِبَرَكَاتِ
[1] التيه: الكبر. و عن أمير المؤمنين عليه السلام: ما أحسن تواضع الأغنياء للفقراء و أحسن منه تيه الفقراء على الأغنياء اتكالا على اللّه.