مَضَيْتُ إِلَى الْحِيرَةِ إِلَى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ع ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَمَا كَانَ لِي فِيهِ حِيلَةٌ لِكَثْرَةِ النَّاسِ فَحَيْثُ كَانَ الْيَوْمُ الرَّابِعُ رَآنِي فَأَدْنَانِي وَ تَفَرَّقَ النَّاسُ عَنْهُ وَ مَضَى يُرِيدُ قَبْرَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَتَبِعْتُهُ فَكُنْتُ أَسْمَعُ كَلَامَهُ وَ أَنَا مَعَهُ أَمْشِي فَحَيْثُ صَارَ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ غَمَزَهُ الْبَوْلُ فَتَنَحَّى عَنِ الطَّرِيقِ فَحَفَرَ الرَّمْلَ وَ بَالَ وَ نَبَشَ الرَّمْلَ وَ فَحَفَرَ فَخَرَجَ مَاءٌ فَتَطَهَّرَ لِلصَّلَاةِ فَقَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَ كَانَ مِمَّا سَمِعْتُهُ يَدْعُو وَ يَقُولُ اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْنِي مِمَّنْ تَقَدَّمَ فَمَرَقَ وَ لَا مِمَّنْ تَخَلَّفَ فَمُحِقَ وَ اجْعَلْنِي مِنَ النَّمَطِ الْأَوْسَطِ.
مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ الْمَنْصُورَ قَدْ كَانَ هَمَّ بِقَتْلِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع غَيْرَ مَرَّةٍ فَكَانَ إِذَا بَعَثَ إِلَيْهِ وَ دَعَاهُ لِيَقْتُلَهُ فَإِذَا نَظَرَ إِلَيْهِ هَابَهُ وَ لَمْ يَقْتُلْهُ غَيْرَ أَنَّهُ مَنَعَ النَّاسَ عَنْهُ وَ مَنَعَهُ مِنَ الْقُعُودِ لِلنَّاسِ وَ اسْتَقْصَى عَلَيْهِ أَشَدَّ الِاسْتِقْصَاءِ حَتَّى إِنَّهُ كَانَ يَقَعُ لِأَحَدِهِمْ مَسْأَلَةٌ فِي دِينِهِ فِي نِكَاحٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَلَا يَكُونُ عِلْمُ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ وَ لَا يَصِلُونَ إِلَيْهِ فَيَعْتَزِلُ الرَّجُلُ وَ أَهْلُهُ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى شِيعَتِهِ وَ صَعُبَ عَلَيْهِمْ حَتَّى أَلْقَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي رُوعِ الْمَنْصُورِ أَنْ يَسْأَلَ الصَّادِقَ ع لِيُتْحِفَهُ بِشَيْءٍ مِنْ عِنْدِهِ لَا يَكُونُ لِأَحَدٍ مِثْلُهُ فَبَعَثَ إِلَيْهِ بِمِخْصَرَةٍ[1] كَانَتْ لِلنَّبِيِّ ص طُولُهَا ذِرَاعٌ فَفَرِحَ بِهَا فَرَحاً شَدِيداً وَ أَمَرَ أَنْ تُشَقَّ لَهُ أَرْبَعَةَ أَرْبَاعٍ وَ قَسَمَهَا فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ ثُمَّ قَالَ لَهُ مَا جَزَاؤُكَ عِنْدِي إِلَّا أَنْ أُطْلِقَ لَكَ وَ تُفْشِيَ عِلْمَكَ لِشِيعَتِكَ وَ لَا أَتَعَرَّضَ لَكَ وَ لَا لَهُمْ فَاقْعُدْ غَيْرَ مُحْتَشِمٍ وَ أَفْتِ النَّاسَ وَ لَا تَكُنْ فِي بَلَدٍ أَنَا فِيهِ فَفَشَى الْعِلْمُ عَنِ الصَّادِقِ وَ أَجَازَ فِي الْمُنْتَهَى.
الْحَسَنُ الْجُرْجَانِيُّ فِي بَصَائِرِ الدَّرَجَاتِ بِثَلَاثَةِ طُرُقٍ أَنَّهُ دَخَلَ رَجُلٌ عَلَى الصَّادِقِ ع فَلَمَزَهُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِنَا فَقَالَ الصَّادِقُ ع وَ أَخَذَ عَلَى شَيْبَتِهِ إِنْ كُنْتُ لَا أَعْرِفُ الرِّجَالَ إِلَّا بِمَا أُبْلَغُ عَنْهُمْ فَبِئْسَتِ الشَّيْبَةُ شَيْبَتِي.
وَ فِيهِ قَالَ سُلَيْمُ بْنُ خَالِدٍ بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ الصَّادِقِ ع إِذْ هُوَ بِظَبْيٍ يَقْتَحِبُ[2] وَ يُحَرِّكُ ذَنَبَهُ فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع أَفْعَلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَقَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَا قَالَ الظَّبْيُ قُلْنَا اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ ابْنُ رَسُولِهِ أَعْلَمُ قَالَ إِنَّهُ أَتَانِي وَ أَخْبَرَنِي أَنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ نَصَبَ شَبَكَةً لِأُنْثَاهُ فَأَخَذَهَا وَ لَهُ خِشْفَانِ لَمْ يَنْهَضَا وَ لَمْ يَقْوَيَا لِلرَّعْيِ فَسَأَلَنِي أَنْ أَسْأَلَهُمْ أَنْ
[1] المخصرة كمكنسة: ما يتوكا عليه كالعصا و نحوه.
[2] القحب: السعال.