فصل في وفاته ع
ابْنُ عَبَّاسٍ وَ السُّدِّيُ لَمَّا نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى إِنَّكَ مَيِّتٌ وَ إِنَّهُمْ مَيِّتُونَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ لَيْتَنِي أَعْلَمُ مَتَى يَكُونُ ذَلِكَ فَنَزَلَتْ سُورَةُ النَّصْرِ فَكَانَ يَسْكُتُ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَ الْقِرَاءَةِ بَعْدَ نُزُولِهَا فَيَقُولُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَ بِحَمْدِهِ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَ أَتُوبُ إِلَيْهِ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ أَمَا إِنَّ نَفْسِي نُعِيَتْ إِلَيَّ ثُمَّ بَكَى بُكَاءً شَدِيداً فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَ وَ تَبْكِي مِنَ الْمَوْتِ وَ قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ ما تَأَخَّرَ قَالَ فَأَيْنَ هَوْلُ الْمُطَّلَعِ وَ أَيْنَ ضَيْقَةُ الْقَبْرِ وَ ظُلْمَةُ اللَّحْدِ وَ أَيْنَ الْقِيَامَةُ وَ الْأَهْوَالُ فَعَاشَ بَعْدَ نُزُولِ هَذِهِ السُّورَةِ عَاماً.
الْأَسْبَابُ وَ النُّزُولُ عَنِ الْوَاحِدِيِّ أَنَّهُ رُوِيَ عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ ص مِنْ غَزْوَةِ حُنَيْنٍ وَ أَنْزَلَ اللَّهُ سُورَةَ الْفَتْحِ قَالَ يَا عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ يَا فَاطِمَةُ إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَ الْفَتْحُ إِلَى آخِرِ السُّورَةِ.
وَ قَالَ السُّدِّيُّ وَ ابْنُ عَبَّاسٍ- ثُمَّ نَزَلَتْ لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ الْآيَةَ[1] فَعَاشَ بَعْدَهَا سِتَّةَ أَشْهُرٍ فَلَمَّا خَرَجَ إِلَى حِجَّةِ الْوَدَاعِ نَزَلَتْ عَلَيْهِ فِي الطَّرِيقِ يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ الْآيَةَ[2] فَسُمِّيَتْ آيَةَ الصَّيْفِ ثُمَّ نَزَلَتْ عَلَيْهِ وَ هُوَ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ فَعَاشَ بَعْدَهَا أَحَداً وَ ثَمَانِينَ يَوْماً ثُمَّ نَزَلَتْ عَلَيْهِ آيَاتُ الرِّبَا ثُمَّ نَزَلَتْ بَعْدَهَا وَ اتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ[3] وَ هِيَ آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ مِنَ السَّمَاءِ فَعَاشَ بَعْدَهَا أَحَداً وَ عِشْرِينَ يَوْماً قَالَ ابْنُ جُرَيجٍ تِسْعَ لَيَالٍ وَ قَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ وَ مُقَاتِلٌ سَبْعَ لَيَالٍ.
و قال الله تعالى تسلية للنبي ع وَ ما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ و قال وَ ما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَ فَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ.
وَ لَمَّا مَرِضَ النَّبِيُّ ص مَرَضَهُ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ وَ ذَلِكَ يَوْمَ السَّبْتِ أَوْ يَوْمَ الْأَحَدِ مِنْ صَفَرٍ أَخَذَ بِيَدِ عَلِيٍّ ع وَ تَبِعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَ تَوَجَّهَ إِلَى الْبَقِيعِ ثُمَّ قَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْقُبُورِ وَ لِيَهُنْكُمْ مَا أَصْبَحْتُمْ فِيهِ مِمَّا فِيهِ النَّاسُ أَقْبَلَتِ الْفِتَنُ كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يَتْبَعُ آخِرُهَا أَوَّلَهَا إِنَّ جَبْرَئِيلَ كَانَ يَعْرِضُ عَلَيَّ الْقُرْآنَ كُلَّ سَنَةٍ مَرَّةً وَ قَدْ عَرَضَهُ
[1] التوبة: 129.
[2] النساء: 175.
[3] البقرة: 281.