من هنا فإن طبيعة الحياة تقتضي أن تكون هذه الشريعة المباركة معدة لتلبية هذه الحاجات و لتطويرها، و هذا يقتضي أن تكون الشريعة في حالة توالد دائم، حيث أنها تتوالد توالدا ذاتيا تغني نفسها و تثرى نفسها و يتضح هذا حين نعي أن الشريعة جاءتنا على لسان الرسول (صلى اللّه عليه و آله و سلم) في الكتاب و السنة و كما نقلها و فسرها أئمة أهل البيت (عليهم السلام) بصيغتين:
الأولى: على شكل أحكام محددة و هذه تارة تكون أحكاما ثابتة من قبيل العبادات المفروضة و المحرمات المنصوصة. و أخرى تكون أحكاما نسبية مرحلية لحالات معينة من قبيل (سهم المؤلفة قلوبهم)- على بعض الآراء الفقهية- و غيره.
الثانية: على شكل قواعد عامة يستنبط منها الأحكام الجزئية و تطبق على الحالات الراهنة.
و هذه المهمة مهمة تثوير الشريعة- إذا صح التعبير- لتتوالد و مهمة التعامل مع حالة التوالد الذاتي في الشريعة تتم بواسطة البحث الفقهي المنهجي الذي وضع أسسه و مناهجه رسول اللّه و أهل بيته الكرام و من ثم فقهاء الإسلام العظام.
إن الفقه هو العلم الذي يبحث فيه عن أحوال المكلف من حيث علاقته بالشريعة، في مجال علاقته باللّه تعالى، و في خاصة ذاته، و في علاقته بالطبيعة. و في علاقته بالبشر الآخرين، (المجتمع و الأسرة و الأفراد) و كونه بهذا الاعتبار يكون موضوعا للأحكام الشرعية التكليفية و الوضعية (الحرمة و الوجوب و الاستحباب و الكراهية و الإباحة و الصحة و الفساد).
تعريف الفقه:
و الفقه في الاصطلاح الأصولي- الفقهي هو (العلم بالأحكام الشرعية الفرعية عن أدلتها التفصيلية) و الأحكام الفرعية تقابل الأصولية، و هي الأحكام التي لا تتعلق بالمكلف من حيث عمله في المجالات المذكورة. و هذه تشمل أصول الاعتقاد من قبيل الألوهية و الوحدانية و النبوة و ما إليها. و أصول الفقه من قبيل حجّية الخبر الواحد. و حجّية ظواهر الكتاب و غيرها.