كل متفقه يعرف أن في الشريعة المقدسة واجبات لا تصح و لا تسقط أوامرها إلا بإتيانها قربية إلى وجه اللّه تعالى.
و كونها قربية إنما هو بإتيانها بقصد امتثال أوامرها أو بغيره من وجوه قصد القربة إلى اللّه تعالى، على ما ستأتي الإشارة إليها. و تسمى هذه الواجبات (العباديات) أو (التعبديات) كالصلاة و الصوم و نحوها.
قوله (ره): (و كونها قربية إنما هو بإتيانها ...).
اقول: هذه هي الجهة الأولى من البحث و هي تعريف التعبدي و التوصلي و بيانهما.
و قبل الشروع في هذه الجهة نذكر اصطلاحات كلمة التعبدي و التوصلي فنقول يمكن ان يستخرج من عبارات الأعلام ان هاتين العبارتين تشترك في ثلاث اصطلاحات.
الأول: ما هو محل البحث فالتعبدي هو ما لا يسقط بإتيانه إلا بقصد القربة و التوصلي هو (ما يسقط بإتيانه مطلقا).
الثاني: ما نقله المصنف و هو ان التعبدي (ما لم يعلم الغرض منه).
و في قباله التوصلي و هو (ما علم الغرض منه).
و هذا الاصطلاح كثيرا ما يجري على لسان القوم حتى في هذه الأيام.
الثالث: ما نقله بعض الأعلام من ان التعبدي ما يعتبر فيه مباشرة المكلف بحيث لا يسقط عن الذمة إلا بأن يأتي به المكلف بنفسه كالصلاة و الصيام و نحوهما. و التوصلي هو ما لا يعتبر فيه مباشرة المكلف فيسقط عن الذمة بفعل الغير له.
إذا عرفت ذلك رجعنا الى بيان التعبدي و التوصلي بالاصطلاح الأول الذي هو محل البحث.
فنقول التعبدي كالصلاة و الصوم و الحج بينما التوصلي كتطهير الثوب و قضاء الدين و رد السلام.